محمد فاضل الجمالي (1903-1997)م
ولد محمد فاضل بن الشيخ عباس بن محمد بن جواد الجمالي من ذرية جمال الدين سادن مرقد أبي يوسف في الكاظمية و من عشيرة آل شيبة و هي من قريش،حفظ القرآن الكريم في مدرسة الإمام محمد بن الشيخ مهدي الخالصي في الكاظمية، دخل المدرسة الإبتدائية سنة 1910م(كان يذهب إلى مدرسة الأليانس كل يوم جمعة لتعلم الفرنسية وكذلك اقتناء الكتب الفرنسية على يد المسيو كوهين) دخل دورة المعلمين مختصة بالدراسة الابتدائية وبعد تخرجه منها و في 19تشرين الثاني 1918م عين بوظيفة معاون معلم في مدرسة الكاظمية الابتدائية و براتب ثلاثة دنانير و750فلسا كونه الأول على دفعته وكان من عشاق القراءة و الموسيقى، بقي في مهنة التعليم أربع سنوات. في سنة 1922 و بعد معارضة شديدة من اهله سافر إلى بيروت (ضمن البعثة الأولى المؤلفة من ستة طلاب) للدراسة في الجامعة الأمريكية و نال شهادة بكلوريوس في العلوم التربوية و التعليم من الجامعة الأمريكية سنة 1927،عاد إلى بغداد و عين مدرسا في دار المعلمين الإبتدائية وكلف بتدريس الأميرغازي أبن الملك فيصل الاول (أثناء وجوده في بيروت أسس مع مجموعة من الطلبة العراقيين في الجامعة الأمريكية جمعية الطلاب العراقيين كان أول نشاط له).في سنة 1929أوفد لاكمال دراسته إلى جامعة كولومبيا في نيويورك حيث نال شهادة أستاذ في فنون التربية ومن ثم شهادة الدكتوراه في فلسفة التربية واطروحته معالجة مشاكل التعليم لابناء الريف والعشائر في العراق،عادالى العراق سنة 1934م وعمل في مناصب عدة في وزارة المعارف آخرها مديرا عاما للمعارف (أعد نظام التعليم الحديث على أساس النسب السكانية وليس على نظرية المدن الكبرى) ثم رئيساً للتفتيش سنة 1935(رافق الجمالي اللجنة الأمريكية التي قدمت تقريرا عن التعليم في العراق إلى شؤون المعارف عام 1932م وترجمه إلى العربية بنفسه).وكان ضمن الوفد العراقي إلى سان فرانسيسكو عندما كان مديرا عاما في الخارجية سنة 1945برئاسة ارشد العمري لإعداد ميثاق الامم المتحدة وخوله العمري ليكون ممثلا عن الحكومة العراقية وبديلا عنه حيث عاد إلى بغداد في حفل تأسيس الامم المتحدة في حزيران 1945.وفي سنة 1946استوزر لأول مرة وزارة الخارجية،بعدها كلف بالوزارة سبعة مرات بين (1946-1952)ثم أنتخب رئيساً لمجلس النواب سنة 1952(اختير عضو عامل في المجمع العلمي العراقي سنة 1949), أصبح رئيساً للوزراء (1953-1954)،في عام 1954ذهب الحبيب بورقيبة رئيس الحزب الدستوري التونسي إلى نيويورك محاولا دخول مبنى الأمم المتحدة حيث منع من الدخول شاءت الصدف تزامن محاولة بورقيبة الدخول مع وصول الوفد العراقي برئاسة وزير الخارجية الدكتور الجمالي استفسر عن سبب عدم السماح لبورقيبة بينوا له هو عدم حمل الأخير لصفة رسمية تمكنه من الدخول،استدعى الدكتور الجمالي بورقيبة والتفت إلى أحد أعضاء الوفد العراقي ورفع شارته التعريفية ووضعها على صدر الحبيب بورقيبة وقال له أنت الآن أحد أعضاء الوفد العراقي،دخل بورقيبة مع الوفد العراقي وعند حديث الدكتور الجمالي قال سأحول الميكروفون إلى اخي الحبيب بورقيبة للتحدث بأسم دولة تونس الحرة،ساد الصمت في القاعة و غادر الوفد الفرنسي،القى بورقيبة خطبة حماسية نال إستحسان وأعجاب الحاضرين ووقف الجميع يصفق و يحي هذا البطل القومي وبعد انتهاء الخطبة توجه بورقيبة إلى الدكتور الجمالي وقال له لا أنا و لا بلدي تونس سننسى صنيعك هذا وفي سنة 1956حصلت تونس على استقلالها.كان الجمالي من المطالبين باستقلال الدول العربية في المحافل الدولية الدبلوماسية،عين عضو في مجلس الاعيان في تشرين الأول 1957وعضوا في مجلس الاتحاد العربي بين العراق و الاردن حتى قيام ثورة تموز1958.اعتقل في 14 تموز 1958وحكم عليه بالاعدام،تدخل بورقيبة مناشدا عبد الكريم قاسم للعفو عن الجمالي والسماح له بمغادرة العراق وكذلك بعض المناشدات الاقليمية عفي عنه وأطلق سراحه في 14تموز 1961 وسمح له مغادرة العراق كلاجئ سياسي في سويسرا ثم استدعاه الرئيس بورقيبة وعند وصوله إلى تونس عرض عليه بورقيبة الذي منحه الجنسية التونسية تحديد راتب شهري،رفض الجمالي مفضلا كسب عيشه بمجهوده .عمل أستاذاً في إحدى الجامعات التونسية حيث عين بمنصب أستاذ فلسفة في جامعة تونس واقام فيها مع زوجته الكندية الأصل.ساهم في مؤتمر العالم الاسلامي في مكة المكرمة سنة1965,استمر الجمالي محاضرا و مؤلفا حتى وفاته وله العديد من الاصدارات و المؤلفات في حياته العملية منها،العراق الجديد،التعليم الريفي في العراق، التربية و التعليم في تركيا الحديثة، اتجاهات التعليم في ألمانيا وانكلترا وفرنسا،اتجاه التعليم في العالم العربي 1635, رسائل من والد في السجن إلى ولده1963 حيث ترجمه بنفسه إلى الانكليزية و طبع في لندن بعنوان رسائل عن الاسلام 1965، الفلسفة التربوية في القرآن الكريم 1966، دعوة العراق للاتحاد العربي، دعوة إلى الاسلام، العراق بين الأمس واليوم 1945, وجهة التربية و التعليم في العالم العربي و خاصة العراق، ذكريات و عبر من العدوان الصهيوني واثره في الواقع العربي، مذكرة العراق عن قضية فلسطين،التربية لاجل حضارة متبدلة، آفاق التربية الحديثة في البلاد النامية، الامة العربية إلى اين؟,فالتشرق الشمس من جديد على الأمة العربية(لندن دار الحكمة 1996)،دروس في تفوق اليابان في حقل التربية والتعليم،دور التربية و التعليم في تعريف الانسان بحقوقه وواجباته،مأساة الخليج والهيمنة الغربية الجديدة 1992،الخطرالصهيوني، الصهيونية الأمريكية والمأساة الفلسطينية.في عام 1995دعي الجمالي إلى احتفالية مرور خمسون عاما على تأسيس الأمم المتحدة،رفض الدعوة برسالة مفادها أن الأمم المتحدة التي تحاصر بلادي وتقتل الأطفال و العجزة وتصنع الموت لن احضر احتفالها. كان يمتلك شخصية محترمة يجلها السياسيون الغربيون،له قابلية عالية على التكلم وبعدة لغات حيث كان يجيد الانكليزية و الفرنسية والتركية والفارسية والايطالية،وبالرغم من انفتاحه الفكري ملتزم بالدين الاسلامي،وفي مذكراته ذكر التقصير الكبير للدولة العراقية وعدم تثقيف الشعب العراقي.توفي الجمالي في تونس في 24آيار1997 عن عمر ناهز الخامسة والتسعين (رحم الله الدكتور محمد فاضل الجمالي الذي قل نظيره في هذا الزمان العصيب).
تحقيق
حسين القاموسي
ولد محمد فاضل بن الشيخ عباس بن محمد بن جواد الجمالي من ذرية جمال الدين سادن مرقد أبي يوسف في الكاظمية و من عشيرة آل شيبة و هي من قريش،حفظ القرآن الكريم في مدرسة الإمام محمد بن الشيخ مهدي الخالصي في الكاظمية، دخل المدرسة الإبتدائية سنة 1910م(كان يذهب إلى مدرسة الأليانس كل يوم جمعة لتعلم الفرنسية وكذلك اقتناء الكتب الفرنسية على يد المسيو كوهين) دخل دورة المعلمين مختصة بالدراسة الابتدائية وبعد تخرجه منها و في 19تشرين الثاني 1918م عين بوظيفة معاون معلم في مدرسة الكاظمية الابتدائية و براتب ثلاثة دنانير و750فلسا كونه الأول على دفعته وكان من عشاق القراءة و الموسيقى، بقي في مهنة التعليم أربع سنوات. في سنة 1922 و بعد معارضة شديدة من اهله سافر إلى بيروت (ضمن البعثة الأولى المؤلفة من ستة طلاب) للدراسة في الجامعة الأمريكية و نال شهادة بكلوريوس في العلوم التربوية و التعليم من الجامعة الأمريكية سنة 1927،عاد إلى بغداد و عين مدرسا في دار المعلمين الإبتدائية وكلف بتدريس الأميرغازي أبن الملك فيصل الاول (أثناء وجوده في بيروت أسس مع مجموعة من الطلبة العراقيين في الجامعة الأمريكية جمعية الطلاب العراقيين كان أول نشاط له).في سنة 1929أوفد لاكمال دراسته إلى جامعة كولومبيا في نيويورك حيث نال شهادة أستاذ في فنون التربية ومن ثم شهادة الدكتوراه في فلسفة التربية واطروحته معالجة مشاكل التعليم لابناء الريف والعشائر في العراق،عادالى العراق سنة 1934م وعمل في مناصب عدة في وزارة المعارف آخرها مديرا عاما للمعارف (أعد نظام التعليم الحديث على أساس النسب السكانية وليس على نظرية المدن الكبرى) ثم رئيساً للتفتيش سنة 1935(رافق الجمالي اللجنة الأمريكية التي قدمت تقريرا عن التعليم في العراق إلى شؤون المعارف عام 1932م وترجمه إلى العربية بنفسه).وكان ضمن الوفد العراقي إلى سان فرانسيسكو عندما كان مديرا عاما في الخارجية سنة 1945برئاسة ارشد العمري لإعداد ميثاق الامم المتحدة وخوله العمري ليكون ممثلا عن الحكومة العراقية وبديلا عنه حيث عاد إلى بغداد في حفل تأسيس الامم المتحدة في حزيران 1945.وفي سنة 1946استوزر لأول مرة وزارة الخارجية،بعدها كلف بالوزارة سبعة مرات بين (1946-1952)ثم أنتخب رئيساً لمجلس النواب سنة 1952(اختير عضو عامل في المجمع العلمي العراقي سنة 1949), أصبح رئيساً للوزراء (1953-1954)،في عام 1954ذهب الحبيب بورقيبة رئيس الحزب الدستوري التونسي إلى نيويورك محاولا دخول مبنى الأمم المتحدة حيث منع من الدخول شاءت الصدف تزامن محاولة بورقيبة الدخول مع وصول الوفد العراقي برئاسة وزير الخارجية الدكتور الجمالي استفسر عن سبب عدم السماح لبورقيبة بينوا له هو عدم حمل الأخير لصفة رسمية تمكنه من الدخول،استدعى الدكتور الجمالي بورقيبة والتفت إلى أحد أعضاء الوفد العراقي ورفع شارته التعريفية ووضعها على صدر الحبيب بورقيبة وقال له أنت الآن أحد أعضاء الوفد العراقي،دخل بورقيبة مع الوفد العراقي وعند حديث الدكتور الجمالي قال سأحول الميكروفون إلى اخي الحبيب بورقيبة للتحدث بأسم دولة تونس الحرة،ساد الصمت في القاعة و غادر الوفد الفرنسي،القى بورقيبة خطبة حماسية نال إستحسان وأعجاب الحاضرين ووقف الجميع يصفق و يحي هذا البطل القومي وبعد انتهاء الخطبة توجه بورقيبة إلى الدكتور الجمالي وقال له لا أنا و لا بلدي تونس سننسى صنيعك هذا وفي سنة 1956حصلت تونس على استقلالها.كان الجمالي من المطالبين باستقلال الدول العربية في المحافل الدولية الدبلوماسية،عين عضو في مجلس الاعيان في تشرين الأول 1957وعضوا في مجلس الاتحاد العربي بين العراق و الاردن حتى قيام ثورة تموز1958.اعتقل في 14 تموز 1958وحكم عليه بالاعدام،تدخل بورقيبة مناشدا عبد الكريم قاسم للعفو عن الجمالي والسماح له بمغادرة العراق وكذلك بعض المناشدات الاقليمية عفي عنه وأطلق سراحه في 14تموز 1961 وسمح له مغادرة العراق كلاجئ سياسي في سويسرا ثم استدعاه الرئيس بورقيبة وعند وصوله إلى تونس عرض عليه بورقيبة الذي منحه الجنسية التونسية تحديد راتب شهري،رفض الجمالي مفضلا كسب عيشه بمجهوده .عمل أستاذاً في إحدى الجامعات التونسية حيث عين بمنصب أستاذ فلسفة في جامعة تونس واقام فيها مع زوجته الكندية الأصل.ساهم في مؤتمر العالم الاسلامي في مكة المكرمة سنة1965,استمر الجمالي محاضرا و مؤلفا حتى وفاته وله العديد من الاصدارات و المؤلفات في حياته العملية منها،العراق الجديد،التعليم الريفي في العراق، التربية و التعليم في تركيا الحديثة، اتجاهات التعليم في ألمانيا وانكلترا وفرنسا،اتجاه التعليم في العالم العربي 1635, رسائل من والد في السجن إلى ولده1963 حيث ترجمه بنفسه إلى الانكليزية و طبع في لندن بعنوان رسائل عن الاسلام 1965، الفلسفة التربوية في القرآن الكريم 1966، دعوة العراق للاتحاد العربي، دعوة إلى الاسلام، العراق بين الأمس واليوم 1945, وجهة التربية و التعليم في العالم العربي و خاصة العراق، ذكريات و عبر من العدوان الصهيوني واثره في الواقع العربي، مذكرة العراق عن قضية فلسطين،التربية لاجل حضارة متبدلة، آفاق التربية الحديثة في البلاد النامية، الامة العربية إلى اين؟,فالتشرق الشمس من جديد على الأمة العربية(لندن دار الحكمة 1996)،دروس في تفوق اليابان في حقل التربية والتعليم،دور التربية و التعليم في تعريف الانسان بحقوقه وواجباته،مأساة الخليج والهيمنة الغربية الجديدة 1992،الخطرالصهيوني، الصهيونية الأمريكية والمأساة الفلسطينية.في عام 1995دعي الجمالي إلى احتفالية مرور خمسون عاما على تأسيس الأمم المتحدة،رفض الدعوة برسالة مفادها أن الأمم المتحدة التي تحاصر بلادي وتقتل الأطفال و العجزة وتصنع الموت لن احضر احتفالها. كان يمتلك شخصية محترمة يجلها السياسيون الغربيون،له قابلية عالية على التكلم وبعدة لغات حيث كان يجيد الانكليزية و الفرنسية والتركية والفارسية والايطالية،وبالرغم من انفتاحه الفكري ملتزم بالدين الاسلامي،وفي مذكراته ذكر التقصير الكبير للدولة العراقية وعدم تثقيف الشعب العراقي.توفي الجمالي في تونس في 24آيار1997 عن عمر ناهز الخامسة والتسعين (رحم الله الدكتور محمد فاضل الجمالي الذي قل نظيره في هذا الزمان العصيب).
تحقيق
حسين القاموسي