بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اشتمل حيز كبير من سورة البقرة عن الحديث عن بني إسرائيل وعن سوابقهم وقضاياهم مع أنبيائهم، فقد تضمنت هذه السورة – التي اشتق اسمها من قصة بقرة بني إسرائيل – على أكثر من مائة وخمسة عشر (115) آية تحدثت عن اليهود وهو ما يمثل نسبة 40.20 % من مجموع آيات هذه السورة المدنية التي يبلغ عددها 286 آية .
ورغم أنه توجد سورة أخرى في القرآن اسمها سورة بني إسرائيل (الإسراء) إلا أن ما ورد في هذه السورة عن بني إسرائيل أكبر وأكثر محورية من ما ورد في السور الأخرى بل إن كل ما ورد في القرآن عن اليهود إنما هو تفصيل وتفريع عن ما ورد عنهم في هذه السورة، فقد بدأت السورة الكريمة بالحديث عن الكتاب المنزل وكونه لا ريب فيه وبيان أحوال الناس وأصنافهم في أمره، فابتدأت بالمستعدين للإيمان المنتظرين للهدى الذي يضيء نوره منه، وثنت بالكافرين، وَقَفَّتْ بالحديث عن المنافقين، ثم ضربت الأمثال لفرق الصنف الثالث، وانطلقت الآيات في سرد بدء الخليقة والنشأة الأولى، ثم طفقت تخاطب الأمم والشعوب الموجودة في البلاد التي ظهرت فيها النبوة تفصيلا، فبدأ الحديث عن اليهود عند الآية 40 من السورة واستمر الحديث عنهم في سياق متصل إلى الآية 148، ووردت الإشارة عنهم في آيات أخرى من السورة مثل الآيات 211، و246- 251، و 259 .
ولعل تخصيص بني إسرائيل بالذكر والتذكير لما أنهم أوفرُ الناس نعمةً وأكثرهم كفراً بها؛ فقد استنقذهم الله مما كانوا فيه من بلاء فرعون وقومه وأبدلهم من ذلك بتمكينهم في الأرض، وجعلهم أنبياء وملوكا وأورثهم الأرض والديار والأموال، وأنزل عليهم الكتب العظيمة التي ما أنزلها على أمة سواهم؛ كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة: 20] .
وقد تنوع أسلوب الخطاب معهم فتارة واجههم الله تعالى بالملاطفة وذكر الإنعام عليهم وعلى آبائهم، وتارة بالتخويف، وتارة بإقامة الحجة وتوبيخهم على سوء أعمالهم، وذكر العقوبات التي عاقبهم بها.
فذكر من النعم التي تفضل بها عليهم أشياء؛ وهي: {وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} [البقرة: 49]، {وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ} [البقرة: 50]، {وبَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} [البقرة: 56]، {وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ} [البقرة: 57]، {وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى} [البقرة: 57]، {ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ} [البقرة: 52]، {وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [البقرة: 53]، {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: 60] .
وذكر من سوء أفعالهم: قولهم: سمعنا وعصينا، واتخاذهم العجل إلها [البقرة: 93]، وقولهم أرنا الله جهرة [البقرة: 55]، وتبديل أوامر الله؛ حيث أمرهم بما يمحو ذنوبهم وبين لهم الطريق المخلص مما استوجبوه من العقوبة، فبدل الذين ظلموا كلام الله قولا وفعلا عنادا منهم وجحودا [البقرة: 59]، وقولهم: لن نصبر على طعام واحد، وكفرهم بآيات الله، وقتلهم الأنبياء بغير حق [البقرة: 61] .
وذكر من عقوباتهم أنهم ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله [البقرة: 61]، وأمرهم بقتل أنفسهم [البقرة: 54]، وجعل منهم القردة والخنازير [البقرة: 65]، وأنزلنا عليهم رجزا من السماء [البقرة: 59]، وأخذتكم الصاعقة [البقرة: 55]، وجعلنا قلوبهم قاسية، وحرمنا عليهم طيبات أحلت لهم، وهذا كله جزاء لآبائهم المتقدمين،
وخوطب به المعاصرون لمحمد صلّى الله عليه واله وسلّم لأنهم متبعون لهم راضون بأحوالهم، وقد وبخ المعاندين لمحمد صلّى الله عليه واله وسلّم بتوبيخات أخر، وهي: كتمانهم أمر محمد صلّى الله عليه واله وسلّم مع معرفتهم به [البقرة: 146]، ويحرّفون الكلم ويقولون هذا من عند الله، وتقتلون أنفسكم، وتخرجون فريقا منكم من ديارهم ، وحرصهم على الحياة ، وعداوتهم لجبريل واتباعهم للسحر، وقولهم نحن أبناء الله، وقولهم يد الله مغلولة .
وخلاصة القول أن هذه السورة العظيمة – والتي هي أطول سورة في القرآن الكريم - يدور قطب رحاها في فلك واحد؛ وهو الكتاب المنزل، والمرسل به صلوات ربي وسلامه عليه، وحاله مع المرسل إليهم؛ وتحذير الأمة المحمدية من المزالق التي أهلكت الأمم قبلهم والتي تمثلت في سوء الأدب مع وحي الله وأنبيائه، والمراوغة ولانشغال بالجدل العقيم، وعدم المسارعة في طاعة الله، وعدم الانقياد للحق.
اشتمل حيز كبير من سورة البقرة عن الحديث عن بني إسرائيل وعن سوابقهم وقضاياهم مع أنبيائهم، فقد تضمنت هذه السورة – التي اشتق اسمها من قصة بقرة بني إسرائيل – على أكثر من مائة وخمسة عشر (115) آية تحدثت عن اليهود وهو ما يمثل نسبة 40.20 % من مجموع آيات هذه السورة المدنية التي يبلغ عددها 286 آية .
ورغم أنه توجد سورة أخرى في القرآن اسمها سورة بني إسرائيل (الإسراء) إلا أن ما ورد في هذه السورة عن بني إسرائيل أكبر وأكثر محورية من ما ورد في السور الأخرى بل إن كل ما ورد في القرآن عن اليهود إنما هو تفصيل وتفريع عن ما ورد عنهم في هذه السورة، فقد بدأت السورة الكريمة بالحديث عن الكتاب المنزل وكونه لا ريب فيه وبيان أحوال الناس وأصنافهم في أمره، فابتدأت بالمستعدين للإيمان المنتظرين للهدى الذي يضيء نوره منه، وثنت بالكافرين، وَقَفَّتْ بالحديث عن المنافقين، ثم ضربت الأمثال لفرق الصنف الثالث، وانطلقت الآيات في سرد بدء الخليقة والنشأة الأولى، ثم طفقت تخاطب الأمم والشعوب الموجودة في البلاد التي ظهرت فيها النبوة تفصيلا، فبدأ الحديث عن اليهود عند الآية 40 من السورة واستمر الحديث عنهم في سياق متصل إلى الآية 148، ووردت الإشارة عنهم في آيات أخرى من السورة مثل الآيات 211، و246- 251، و 259 .
ولعل تخصيص بني إسرائيل بالذكر والتذكير لما أنهم أوفرُ الناس نعمةً وأكثرهم كفراً بها؛ فقد استنقذهم الله مما كانوا فيه من بلاء فرعون وقومه وأبدلهم من ذلك بتمكينهم في الأرض، وجعلهم أنبياء وملوكا وأورثهم الأرض والديار والأموال، وأنزل عليهم الكتب العظيمة التي ما أنزلها على أمة سواهم؛ كما قال تعالى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكًا وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْعَالَمِينَ} [المائدة: 20] .
وقد تنوع أسلوب الخطاب معهم فتارة واجههم الله تعالى بالملاطفة وذكر الإنعام عليهم وعلى آبائهم، وتارة بالتخويف، وتارة بإقامة الحجة وتوبيخهم على سوء أعمالهم، وذكر العقوبات التي عاقبهم بها.
فذكر من النعم التي تفضل بها عليهم أشياء؛ وهي: {وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ} [البقرة: 49]، {وَإِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ} [البقرة: 50]، {وبَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ} [البقرة: 56]، {وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ} [البقرة: 57]، {وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى} [البقرة: 57]، {ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ} [البقرة: 52]، {وَإِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَالْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [البقرة: 53]، {وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [البقرة: 60] .
وذكر من سوء أفعالهم: قولهم: سمعنا وعصينا، واتخاذهم العجل إلها [البقرة: 93]، وقولهم أرنا الله جهرة [البقرة: 55]، وتبديل أوامر الله؛ حيث أمرهم بما يمحو ذنوبهم وبين لهم الطريق المخلص مما استوجبوه من العقوبة، فبدل الذين ظلموا كلام الله قولا وفعلا عنادا منهم وجحودا [البقرة: 59]، وقولهم: لن نصبر على طعام واحد، وكفرهم بآيات الله، وقتلهم الأنبياء بغير حق [البقرة: 61] .
وذكر من عقوباتهم أنهم ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباؤوا بغضب من الله [البقرة: 61]، وأمرهم بقتل أنفسهم [البقرة: 54]، وجعل منهم القردة والخنازير [البقرة: 65]، وأنزلنا عليهم رجزا من السماء [البقرة: 59]، وأخذتكم الصاعقة [البقرة: 55]، وجعلنا قلوبهم قاسية، وحرمنا عليهم طيبات أحلت لهم، وهذا كله جزاء لآبائهم المتقدمين،
وخوطب به المعاصرون لمحمد صلّى الله عليه واله وسلّم لأنهم متبعون لهم راضون بأحوالهم، وقد وبخ المعاندين لمحمد صلّى الله عليه واله وسلّم بتوبيخات أخر، وهي: كتمانهم أمر محمد صلّى الله عليه واله وسلّم مع معرفتهم به [البقرة: 146]، ويحرّفون الكلم ويقولون هذا من عند الله، وتقتلون أنفسكم، وتخرجون فريقا منكم من ديارهم ، وحرصهم على الحياة ، وعداوتهم لجبريل واتباعهم للسحر، وقولهم نحن أبناء الله، وقولهم يد الله مغلولة .
وخلاصة القول أن هذه السورة العظيمة – والتي هي أطول سورة في القرآن الكريم - يدور قطب رحاها في فلك واحد؛ وهو الكتاب المنزل، والمرسل به صلوات ربي وسلامه عليه، وحاله مع المرسل إليهم؛ وتحذير الأمة المحمدية من المزالق التي أهلكت الأمم قبلهم والتي تمثلت في سوء الأدب مع وحي الله وأنبيائه، والمراوغة ولانشغال بالجدل العقيم، وعدم المسارعة في طاعة الله، وعدم الانقياد للحق.