( عكاشة بن محصن رضى الله تعالى عنه )
نسبه :
عكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي،
حليف لبني أمية، يكنى أبا محصن حليف بني عبد شمس[1].
و(عكاشة) بتخفيف الكاف وتشديدها، و(حرثان) بضم الحاء المهملة
وسكون الراء وبالثاء المثلثة وبعد الألف نون[2].
وقال ابن سعد: سمعت بعضهم يشدد الكاف في عكاشة،
وبعضهم يخففها[3]. أخو أم قيس بنت محصن[4].
وأبو محصن من السابقين الأولين، دعا له رسول الله بالجنة في حديث:
"سبقك بها عكاشة"، وهو أيضًا بدري أحدي[5]. كان من فضلاء الصحابة،
شهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله[6].
أثر الرسول في تربية عكاشة بن محصن :
قال ابن إسحاق:
قال رسول الله فيما بلغني:
( منا خير فارس في العرب )
قالوا: ومن هو يا رسول الله؟
قال:
( عكاشة بن محصن )
فقال ضرار بن الأزور: ذاك رجل منا يا رسول الله.
قال:
( ليس منكم ولكنه منا ) 7].
وقد دعا النبي له، وقوله عنه:
( سبقك بها عكاشة )
أهم ملامح شخصية عكاشة بن محصن :
شجاعة وإقدام عكاشة بن محصن :
من مواقفه في حروب المرتدين أنه لما ولى طليحة هاربًا، تبعه عكاشة بن محصن
وثابت بن أقرم وكان طليحة قد أعطى الله عهدًا: أن لا يسأله أحد النزول إلا فعل،
فلما أدبر ناداه عكاشة بن محصن: يا طليحة! فعطف عليه فقتل عكاشة،
ثم أدركه ثابت فقتله أيضًا طليحة، ثم لحق المسلمون أصحاب طليحة،
فقتلوا وأسروا[8].
حرص عكاشة بن محصن على الجهاد :
من خلال عدم تخلفه عن أيٍّ من المشاهد؛ شهد بدرًا وأحدًا والخندق
والمشاهد كلها مع رسول الله.
مسارعة عكاشة بن محصن إلى الخيرات وتحينه الفرص :
كما في الحديث الصحيح ، وفي آخره :
( سبقك بها عكاشة ) .
القيادة عند عكاشة بن محصن :
حيث أمّره الرسول على أكثر من سرية ، و ولاّه بعض ولاياته ؛
كسرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الغمر [9] ،
وسرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الجناب أرض عذرة وبلي [10] .
عن كثير بن الصلت قال : مات رسول الله وعماله على بلاد حضرموت
زياد بن لبيد البياضي على حضرموت ، وعكاشة بن محصن على السكاسك والسكون ،
والمهاجر على كندة ، وكان بالمدينة لم يكن خرج حتى توفي رسول الله ،
فبعثه أبو بكر بعد إلى قتال من باليمن [11] .
ذكاء و فطنة عكاشة بن محصن :
ويتضح ذلك من هذا الموقف : سرية عبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة
في رجب على رأس سبعة عشر شهرًا من مهاجر رسول الله ،
بعثه في اثني عشر رجلاً من المهاجرين ، كل اثنين يتعقبان بعيرًا إلى بطن نخلة
وهو بستان بن عامر الذي قرب مكة ، وأمره أن يرصد بها عير قريش،
فوردت عليه [12] ، فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبًا منهم،
فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه ،
فلما رأوه أمّنوا وقالوا : عمار ، لا بأس عليكم منهم .
وتشاور القوم فيهم وذلك في آخر يوم من رجب
فقال القوم : والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم به ،
ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام ، فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم ،
ثم شجعوا أنفسهم عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم .
فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله ،
و استأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وأفلت نوفل بن عبد الله فأعجزهم .
و أقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير وبالأسيرين حتى قدموا على رسول الله المدينة [13] .
بعض مواقف عكاشة بن محصن مع الرسول:
في البخاري حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَامِرٍ ،
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ .
فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
( عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمُ الرَّهْطُ
وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ ،
قُلْتُ : مَا هَذَا أُمَّتِي هَذِهِ ؟
قِيل : بَلْ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ .
قِيلَ : انْظُرْ إلى الأُفُقِ ، فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلأُ الأُفُقَ ،
ثُمَّ قِيلَ لِي : انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ ،
فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ ،
قِيلَ : هَذِهِ أُمَّتُكَ ، وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ )
. ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُم ْ، فَأَفَاضَ الْقَوْمُ
وَقَالُوا : نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ ، فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلاَدُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلاَمِ ،
فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ . فَبَلَغَ النَّبِيَّ فَخَرَجَ
فَقَالَ :
( هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ وَلاَ يَكْتَوُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )
. فَقَالَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ : أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
قَالَ :
( نَعَمْ ) .
فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ : أَمِنْهُمْ أَنَا ؟
قَالَ :
( سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ ) [14] .
وفي النسائي : أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ،
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مَوْلَى أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ ، عَنْ أُمِّ قَيْسٍ قَالَتْ : تُوُفِّيَ ابْنِي فَجَزِعْتُ عَلَيْهِ ،
فَقُلْتُ لِلَّذِي يَغْسِلُه ُ: لاَ تَغْسِلِ ابْنِي بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فَتَقْتُلَهُ .
فَانْطَلَقَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ إلى رَسُولِ اللَّهِ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهَا :
فَتَبَسَّمَ ،
ثُمَّ قَالَ :
( مَا قَالَتْ طَالَ عُمْرُهَا )
، فَلاَ نَعْلَمُ امْرَأَةً عَمِرَتْ مَا عَمِرَتْ [15] .
وانكسر في يده سيف فأعطاه رسول الله عرجونًا أو عودًا، فعاد في يده سيفًا
يومئذ شديد المتن أبيض الحديدة ، فقاتل به حتى فتح الله على رسوله،
ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله حتى قتل في الردة وهو عنده ،
وكان ذلك السيف يسمى العون [16] .
بعض مواقف عكاشة بن محصن مع الصحابة :
ما كان منه في حروب الردة ، وحسن بلائه في قتال المرتدين ، حتى قُتل شهيدًا .
وفاة عكاشة بن محصن :
قال ابن حجر: " اتفق أهل المغازي على أن ثابت بن أقرم
قتل في عهد أبي بكر الصديق قتله طليحة بن خويلد الأسدي ،
وقال عمر لطليحة بعد أن أسلم : كيف أحبك وقد قتلت الصالحيْنِ عكاشة بن محصن ،
وثابت بن أقرم ؟ فقال طليحة : أكرمهما الله بيدي ولم يهني بأيديهما"[17].
وعن أم قيس بنت محصن قالت:
توفي رسول الله وعكاشة ابن أربع وأربعين سنة ،
وقتل بعد ذلك بسنة ببزاخة في خلافة أبي بكر الصديق سنة اثنتي عشرة ،
وكان عكاشة من أجمل الرجال [18] .
المصادر :
[1] ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1080.
[2] ابن الأثير: أسد الغابة 1/780 .
[3] ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1080.
[4] ابن حبان : الثقات 3/321 .
[5] الذهبي : تاريخ الإسلام 1/374 .
[6] ابن سعد : الطبقات الكبرى 3/92.
[7] ابن كثير : البداية والنهاية 3/290، 291.
[8] محمد بن عبد الوهاب : مختصر سيرة الرسول 1/268.
[9] ابن سعد: الطبقات الكبرى 2/84 .
[10] المصدر السابق 2/164.
[11] الطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/300 .
[12] ابن سعد : الطبقات الكبرى 2/10.
[13] ابن هشام : السيرة النبوية 3/148.
[14] البخاري : كتاب الطب ، باب من اكتوى أو كوى غيره
وفضل من لم يكتو، حديث رقم (5270) .
[15] النسائي : كتاب الجنائز ، باب غسل الميت بالحميم، حديث رقم (1859) .
[16] ابن الأثير: أسد الغابة 1/780 .
[17] ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة 1/383 .
[18] ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1080.
نسبه :
عكاشة بن محصن بن حرثان بن قيس بن مرة بن كثير بن غنم بن دودان بن أسد بن خزيمة الأسدي،
حليف لبني أمية، يكنى أبا محصن حليف بني عبد شمس[1].
و(عكاشة) بتخفيف الكاف وتشديدها، و(حرثان) بضم الحاء المهملة
وسكون الراء وبالثاء المثلثة وبعد الألف نون[2].
وقال ابن سعد: سمعت بعضهم يشدد الكاف في عكاشة،
وبعضهم يخففها[3]. أخو أم قيس بنت محصن[4].
وأبو محصن من السابقين الأولين، دعا له رسول الله بالجنة في حديث:
"سبقك بها عكاشة"، وهو أيضًا بدري أحدي[5]. كان من فضلاء الصحابة،
شهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله[6].
أثر الرسول في تربية عكاشة بن محصن :
قال ابن إسحاق:
قال رسول الله فيما بلغني:
( منا خير فارس في العرب )
قالوا: ومن هو يا رسول الله؟
قال:
( عكاشة بن محصن )
فقال ضرار بن الأزور: ذاك رجل منا يا رسول الله.
قال:
( ليس منكم ولكنه منا ) 7].
وقد دعا النبي له، وقوله عنه:
( سبقك بها عكاشة )
أهم ملامح شخصية عكاشة بن محصن :
شجاعة وإقدام عكاشة بن محصن :
من مواقفه في حروب المرتدين أنه لما ولى طليحة هاربًا، تبعه عكاشة بن محصن
وثابت بن أقرم وكان طليحة قد أعطى الله عهدًا: أن لا يسأله أحد النزول إلا فعل،
فلما أدبر ناداه عكاشة بن محصن: يا طليحة! فعطف عليه فقتل عكاشة،
ثم أدركه ثابت فقتله أيضًا طليحة، ثم لحق المسلمون أصحاب طليحة،
فقتلوا وأسروا[8].
حرص عكاشة بن محصن على الجهاد :
من خلال عدم تخلفه عن أيٍّ من المشاهد؛ شهد بدرًا وأحدًا والخندق
والمشاهد كلها مع رسول الله.
مسارعة عكاشة بن محصن إلى الخيرات وتحينه الفرص :
كما في الحديث الصحيح ، وفي آخره :
( سبقك بها عكاشة ) .
القيادة عند عكاشة بن محصن :
حيث أمّره الرسول على أكثر من سرية ، و ولاّه بعض ولاياته ؛
كسرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الغمر [9] ،
وسرية عكاشة بن محصن الأسدي إلى الجناب أرض عذرة وبلي [10] .
عن كثير بن الصلت قال : مات رسول الله وعماله على بلاد حضرموت
زياد بن لبيد البياضي على حضرموت ، وعكاشة بن محصن على السكاسك والسكون ،
والمهاجر على كندة ، وكان بالمدينة لم يكن خرج حتى توفي رسول الله ،
فبعثه أبو بكر بعد إلى قتال من باليمن [11] .
ذكاء و فطنة عكاشة بن محصن :
ويتضح ذلك من هذا الموقف : سرية عبد الله بن جحش الأسدي إلى نخلة
في رجب على رأس سبعة عشر شهرًا من مهاجر رسول الله ،
بعثه في اثني عشر رجلاً من المهاجرين ، كل اثنين يتعقبان بعيرًا إلى بطن نخلة
وهو بستان بن عامر الذي قرب مكة ، وأمره أن يرصد بها عير قريش،
فوردت عليه [12] ، فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبًا منهم،
فأشرف لهم عكاشة بن محصن وكان قد حلق رأسه ،
فلما رأوه أمّنوا وقالوا : عمار ، لا بأس عليكم منهم .
وتشاور القوم فيهم وذلك في آخر يوم من رجب
فقال القوم : والله لئن تركتم القوم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن منكم به ،
ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام ، فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم ،
ثم شجعوا أنفسهم عليهم وأجمعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم .
فرمى واقد بن عبد الله التميمي عمرو بن الحضرمي بسهم فقتله ،
و استأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وأفلت نوفل بن عبد الله فأعجزهم .
و أقبل عبد الله بن جحش وأصحابه بالعير وبالأسيرين حتى قدموا على رسول الله المدينة [13] .
بعض مواقف عكاشة بن محصن مع الرسول:
في البخاري حَدَّثَنَا عِمْرَانُ بْنُ مَيْسَرَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ ، حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ عَامِرٍ ،
عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ : لاَ رُقْيَةَ إِلاَّ مِنْ عَيْنٍ أَوْ حُمَةٍ .
فَذَكَرْتُهُ لِسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ فَقَالَ : حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ ،
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ :
( عُرِضَتْ عَلَيَّ الأُمَمُ ، فَجَعَلَ النَّبِيُّ وَالنَّبِيَّانِ يَمُرُّونَ مَعَهُمُ الرَّهْطُ
وَالنَّبِيُّ لَيْسَ مَعَهُ أَحَدٌ حَتَّى رُفِعَ لِي سَوَادٌ عَظِيمٌ ،
قُلْتُ : مَا هَذَا أُمَّتِي هَذِهِ ؟
قِيل : بَلْ هَذَا مُوسَى وَقَوْمُهُ .
قِيلَ : انْظُرْ إلى الأُفُقِ ، فَإِذَا سَوَادٌ يَمْلأُ الأُفُقَ ،
ثُمَّ قِيلَ لِي : انْظُرْ هَا هُنَا وَهَا هُنَا فِي آفَاقِ السَّمَاءِ ،
فَإِذَا سَوَادٌ قَدْ مَلأَ الأُفُقَ ،
قِيلَ : هَذِهِ أُمَّتُكَ ، وَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ مِنْ هَؤُلاءِ سَبْعُونَ أَلْفًا بِغَيْرِ حِسَابٍ )
. ثُمَّ دَخَلَ وَلَمْ يُبَيِّنْ لَهُم ْ، فَأَفَاضَ الْقَوْمُ
وَقَالُوا : نَحْنُ الَّذِينَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَاتَّبَعْنَا رَسُولَهُ ، فَنَحْنُ هُمْ أَوْ أَوْلاَدُنَا الَّذِينَ وُلِدُوا فِي الإِسْلاَمِ ،
فَإِنَّا وُلِدْنَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ . فَبَلَغَ النَّبِيَّ فَخَرَجَ
فَقَالَ :
( هُمُ الَّذِينَ لاَ يَسْتَرْقُونَ وَلاَ يَتَطَيَّرُونَ وَلاَ يَكْتَوُونَ ، وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ )
. فَقَالَ عُكَاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ : أَمِنْهُمْ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟
قَالَ :
( نَعَمْ ) .
فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ : أَمِنْهُمْ أَنَا ؟
قَالَ :
( سَبَقَكَ بِهَا عُكَاشَةُ ) [14] .
وفي النسائي : أَخْبَرَنَا قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ قَالَ : حَدَّثَنَا اللَّيْثُ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ،
عَنْ أَبِي الْحَسَنِ مَوْلَى أُمِّ قَيْسٍ بِنْتِ مِحْصَنٍ ، عَنْ أُمِّ قَيْسٍ قَالَتْ : تُوُفِّيَ ابْنِي فَجَزِعْتُ عَلَيْهِ ،
فَقُلْتُ لِلَّذِي يَغْسِلُه ُ: لاَ تَغْسِلِ ابْنِي بِالْمَاءِ الْبَارِدِ فَتَقْتُلَهُ .
فَانْطَلَقَ عُكَّاشَةُ بْنُ مِحْصَنٍ إلى رَسُولِ اللَّهِ فَأَخْبَرَهُ بِقَوْلِهَا :
فَتَبَسَّمَ ،
ثُمَّ قَالَ :
( مَا قَالَتْ طَالَ عُمْرُهَا )
، فَلاَ نَعْلَمُ امْرَأَةً عَمِرَتْ مَا عَمِرَتْ [15] .
وانكسر في يده سيف فأعطاه رسول الله عرجونًا أو عودًا، فعاد في يده سيفًا
يومئذ شديد المتن أبيض الحديدة ، فقاتل به حتى فتح الله على رسوله،
ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله حتى قتل في الردة وهو عنده ،
وكان ذلك السيف يسمى العون [16] .
بعض مواقف عكاشة بن محصن مع الصحابة :
ما كان منه في حروب الردة ، وحسن بلائه في قتال المرتدين ، حتى قُتل شهيدًا .
وفاة عكاشة بن محصن :
قال ابن حجر: " اتفق أهل المغازي على أن ثابت بن أقرم
قتل في عهد أبي بكر الصديق قتله طليحة بن خويلد الأسدي ،
وقال عمر لطليحة بعد أن أسلم : كيف أحبك وقد قتلت الصالحيْنِ عكاشة بن محصن ،
وثابت بن أقرم ؟ فقال طليحة : أكرمهما الله بيدي ولم يهني بأيديهما"[17].
وعن أم قيس بنت محصن قالت:
توفي رسول الله وعكاشة ابن أربع وأربعين سنة ،
وقتل بعد ذلك بسنة ببزاخة في خلافة أبي بكر الصديق سنة اثنتي عشرة ،
وكان عكاشة من أجمل الرجال [18] .
المصادر :
[1] ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1080.
[2] ابن الأثير: أسد الغابة 1/780 .
[3] ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1080.
[4] ابن حبان : الثقات 3/321 .
[5] الذهبي : تاريخ الإسلام 1/374 .
[6] ابن سعد : الطبقات الكبرى 3/92.
[7] ابن كثير : البداية والنهاية 3/290، 291.
[8] محمد بن عبد الوهاب : مختصر سيرة الرسول 1/268.
[9] ابن سعد: الطبقات الكبرى 2/84 .
[10] المصدر السابق 2/164.
[11] الطبري: تاريخ الرسل والملوك 2/300 .
[12] ابن سعد : الطبقات الكبرى 2/10.
[13] ابن هشام : السيرة النبوية 3/148.
[14] البخاري : كتاب الطب ، باب من اكتوى أو كوى غيره
وفضل من لم يكتو، حديث رقم (5270) .
[15] النسائي : كتاب الجنائز ، باب غسل الميت بالحميم، حديث رقم (1859) .
[16] ابن الأثير: أسد الغابة 1/780 .
[17] ابن حجر: الإصابة في تمييز الصحابة 1/383 .
[18] ابن عبد البر: الاستيعاب 3/1080.