بوابة الاعظمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ثقافي اجتماعي اسلامي وتاريخي ورياضي والشعر والقصة


    تفسير سورة الواقعة/ج2

    القلب الشجاع
    القلب الشجاع
    اداة الشبكة
    اداة الشبكة


    عدد المساهمات : 621
    تاريخ التسجيل : 11/06/2010
    العمر : 38

    تفسير سورة الواقعة/ج2 Empty تفسير سورة الواقعة/ج2

    مُساهمة  القلب الشجاع الثلاثاء مايو 01, 2012 1:41 am

    بسم الله الرحمن الرحيم
    ﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَحْرُثُونَ* أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ ﴾
    الشجرة وحدها أيها الإخوة آية كبيرة خشب الشجرة، في الربيع أزهرت، ثم أورقت، ثم أثمرت، ببرنامج دقيق، هذه تفاحة استاركن، هذه غولدن، هذا تفاح شتوي، هذا سكري، كل تفاح له خصائص، له حجم، له شكل، له رائحة، قال:
    ﴿ لَوْ نَشَاءُ لَجَعَلْنَاهُ حُطَاماً فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ ﴾
    [ سورة الواقعة ]
    ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ الْمَاءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ مِنَ الْمُزْنِ أَمْ نَحْنُ الْمُنْزِلُونَ ﴾
    [ سورة الواقعة ]
    عملية المطر عمليةٌ بالغة التعقيد، يعني هذا الغيم، كيف ينعقد حبات المطر؟ لابد له من نواة، إما الغبار، أو شيء آخر تنعقد عليه حبات المطر:
    ﴿ وَأَنْزَلْنَا مِنَ الْمُعْصِرَاتِ مَاءً ثَجَّاجاً ﴾
    [ سورة النبأ ]
    متر المكعب من الهواء، بكل درجة حرارة يحمل بخار ماء معين، إذا كان سخنا الهواء، يحمل فرضاً المتر خمس غرامات من الماء، لو كان خفننا الحرارة يصير ثلاث غرامات، فتجد سحاب محمل ببخار ماء كبير، يواجه جبهة باردة، ينعصر بخار الماء، ينعصر الهواء وتنعقد حبات المطر، كلمة:
    ﴿ الْمُعْصِرَاتِ ﴾
    ، ملخص علم البشر، أيضاً المطر، نحن نعطي عناوين موضوعاتها، موضوع المطر موضوع طويل، يعني لو كان ما في تقطير الماء كله مالح، يعني أنا سمعت أن لتر الماء المحلى في بعض الدول النفطية يكلف أغلى من البنزين، لتر ماء محلى، هذا الماء الذي نشربه، يعني شيء كبير جداً، من صمم موضوع التقطير؟ إذا كان الماء تبخر يتخلى عن كل ما فيه، إلا ذرة الماء، فالتقطير يعطيك ماء صرف، أما الماء المالح بالتقطير يغدو عذب.
    ﴿ أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ* أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَهَا أَمْ نَحْنُ الْمُنْشِئُونَ ﴾
    [ سورة الواقعة ]
    ما حقيقة النار؟ شيء دقيق جداً، الغي النار، يلغى كل شيء، لو ألغيت النار لا ترى في الدنيا شيئاً، النار وحدها، لأن النار تصهر المعادن، كل أدوات العمل، والحرف أساسها معادن، لولا النار لما انقلبت الفلذات إلى معادن، إذاً الله لا يعرف إلا من خلال التفكر بالكون، آخر شيء:
    ﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ* وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾
    [ سورة الواقعة
    ﴿ لَوْ تَعْلَمُونَ ﴾
    لا أحد يعرف قيمة حقائق الفلك، لأنه أنا من أجل أن أصل إلى أقرب نجم أحتاج إلى خمسين مليون سنة، بمركبة أرضية، طيب أقرب نجم بعده أربع سنوات ضوئية، أبعد نجم ثلاث مئة ألف بليون سنة ضوئية، هذا رقم قبل عام من محطة أخبار عالمية أربع سنوات ضوئية أحتاج لكي أصل إليها إلى خمسين مليون سنة، الواحد لا يلحق أن يصل يموت قبل أن يصل، عمره كله ستين سنة، يريد خمسين مليون سنة ليصل لأقرب نجم ملتهب أما أبعد مجرة الآن اكتشفت، ثلاث مئة ألف بليون سنة ضوئية:
    ﴿ وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ* إِنَّهُ ﴾
    [ سورة الواقعة ]
    جواب القسم:
    ﴿ إنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ* لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ* تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾
    سورة الواقعة ]
    يعني الآن يطبع في العالم كل يوم كتب تحتاج إلى أن تقرأها إلى مئتي عام كل يوم باللغة الإنكليزية فقط، ما يطبع في العالم من كتب يومياً لا تكفي مئتي عام لقراءتها، خذ كتب البشر كلهم، من آدم إلى يوم القيامة، كل هذه الكتب في كفة، وكلام الله عز وجل في كفة أخرى، لأن فضل كلام الله على كلام خلقه، كفضل الله على خلقه، هذا القرآن له معنى آخر لو أمضيت كل حياتك في فهمه لا تكون مخطئاً، كل حياتك، يُفهم آيةً أية، يُفهم كلمةً كلمة يُفهم حرفاً حرفا، يفهم ما بين السطور، يفهم خلف السطور، المدلول العام، لذلك أن تعرف كلام الله وأن تشرحه للناس، هذا من أكبر أنواع الجهاد.
    ﴿ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً ﴾
    [ سورة الفرقان ]
    يعني هذا الكتاب يجب أن يكون ملء سمعنا، وبصرنا، ملء قلوبنا، لأنه فيه منهج حياتنا، وفيه تعريفٌ بربنا، وفيه إنباءٌ لنا عما سيكون، وعما كان.
    ﴿ أَفَبِهَذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ* وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ ﴾
    [ سورة الواقعة ]
    أشقى الناس من جاء إلى الدنيا وكذب بكلام الله عز وجل, شقي.
    ﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ ﴾
    [ سورة الواقعة ]
    هذه الساعة التي لا بد منها, يا ترى بالبيت, بالمستشفى, بالطريق, بباخرة بطائرة, كل واحد له مكان يموت فيه، وزمان يموت فيه.
    ﴿ فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ* وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ ﴾
    [ سورة الواقعة ]
    قد يعانقه ابنه، قد يقبله ابنه.
    ﴿ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ* وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ ﴾
    [ سورة الواقعة ]
    لو فرضنا ابن المتوفى الذي على فراش الموت يعانقه، يضمه إلى صدره، يقبله قال:
    ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ* فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ* تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾
    [ سورة الواقعة ]
    واحد سأل أحد العلماء، قال له: أريد أن أعصي الله عز وجل، ما السبيل؟ قال له: القضية سهلة جداً، إن أردت أن تعصيه فلا تسكن أرضه، قال له: وأين أسكن؟ قال له: تعصيه وتسكن أرضه، قال له: هات الثانية، قال له: إن أردت أن تعصيه، فلا تأكل من رزقه، قال له: ماذا آكل إذاً؟ قال له: أتسكن أرضه، وتأكل رزقه، وتعصيه، قال له: هات الثالثة، قال له: إن أرت أن تعصيه، فأجهد في مكانٍ أن لا يراك فيه، قال: وأي مكانٍ ليس الله فيه؟ قال له: أتسكن أرضه، وتأكل رزقه، وتعصيه وهو يراك، قال له: هات الرابعة، قال له: إن أردت أن تعصيه وجاءك ملك الموت، فلا تذهب معه، لا ترضى:


    ﴿ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ* تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾
    يقدر إنسان مهما كان قوي:


    لا تأمن الموت في طرفٍ ولا نفسٍ وإن تمنعت بالحُجـــــــابِ
    والحرسِ فما تزال سهام الــموت نافذةً في جنب مدرعٍ منها ومترسِ
    * * *
    أراك لست بوقافٍ ولا حـــــذرٍ كالحاطب الخابط الأعواد في الغلس

    تــرجو النجاة ولن تسلك مسالكها إن السفينة لا تجري على الــيبس
    * * *
    يقدر الإنسان أن لا يموت؟ دعك من عامة الناس، أغنياء العالم، يعني سمعت عن شخص يعمل في الفن، حريصٌ على حياته حرصاً يفوق حد الخيال، ما ركب طائرة في حياته لئلا يأتي حظه أسوداً، وقد مات جميع ركابها، ما ركب طائرة بحياته، ما أكل في العشاء طعاماً إطلاقاً إلا الفاكهة، يوم سمك، يوم فراريج، لحم أبيض، بعد ذلك مات.
    يقدر إنسان أن لا يموت؟
    ﴿ فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ* تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾
    قال له: فإذا جاءك ملك الموت لا تذهب معه، قال له: لا أستطيع، قال له: تأكل رزقه، وتسكن أرضه، وتعصيه وهو يراك، ولا تستطيع أن تمتنع على ملك الموت، قال له: هات الخامسة، قاله: إذا أخذك الزبانية إلى النار فلا ترضى، لا أريد، تقدر؟ الإنسان مقهور، مقهور بوجوده، باستمرار وجوده، مقهور برزقه، مقهور بمصيره، مقهور بالآخرة فالإنسان ما له معنى أن يعصي الله عز وجل، أما إذا أطاعه سعد في الدنيا والآخرة:


    ﴿ وَأَنْتُمْ حِينَئِذٍ تَنْظُرُونَ* وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْكُمْ وَلَكِنْ لَا تُبْصِرُونَ* فَلَوْلَا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ ﴾
    لم تكونوا مقهورين:
    ﴿ تَرْجِعُونَهَا إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* فَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ* فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ ﴾
    [ سورة الواقعة ]
    هؤلاء المتفوقون، قال له: كم الزكاة يا سيدي؟ قال له: كيف؟ عندنا، أم عندكم؟ قال له: عجيب، كم دين في؟ قال له: يا ابني عندكم اثنان ونصف بالمئة، أما عندنا العبد وماله لسيده، العبد ما له شيء، في ناس متفوقين في الدين وقته، كل طاقاته، كل إمكاناته، ماله خبراته، علمه موظفة في الحق، هذا من السابقين، في إنسان مقتصد، هذا لكم وهذا لي، ساعة لك، وساعة لربك، في إنسان كل الساعات لله عز وجل، لكن هذا أذكى الأول السابق أذكى، لأنه وصل إلى أعلى مستوى، سبحان الله الإنسان في الدنيا يطمح بأجمل بيت يطمح بأحسن مركبة، إلا أنه يقول لك: الآخرة نريدها وراء الباب، لماذا بالآخرة وراء الباب بالدنيا تريد أحسن بيت؟ شيء غريب طموح في الدنيا، زاهد في الآخرة، اعكسها، كن طموحاً في الآخرة، وزاهداً في الدنيا.
    ﴿ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ ﴾
    [ سورة الواقعة ]
    هؤلاء نجحوا مقبول، ماشي الحال، أول واحد امتياز، له حفل تكريم، له بعثة، له كذا، الثاني، ما في، يعينوه:
    ﴿ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِينِ* فَسَلَامٌ لَكَ مِنْ أَصْحَابِ الْيَمِين ﴾
    [ سورة الواقعة ]
    نفذ، لكن مقبول، يتبع شهادة، وقد نال امتياز هذه الدرجة، بدرجة مقبول:
    ﴿ وَأَمَّا إِنْ كَانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ* فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ* وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ* إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ ﴾
    [ سورة الواقعة ]
    يعني كل واحد منا حاضر، له مرتبة إن شاء الله من الأولى والثانية، أما الثالثة مشكلة والله، الأولى، والثانية، يا من السابقين، يا من أصحاب اليمين، هذا كلام رب العالمين هذا المصير الحتمي، الآن كم يوجد في بشر؟ خمس آلاف مليون، كم جنس؟ وكم عرق؟ وكم أمة وكم أصل؟ وكم لغة؟ وكم طائفة؟ وكم قبيلة؟ كل هذه التقسيمات باطلة، بالنهاية ثلاثة سابقون، أصحاب يمين، مكذبون ضالون، فالإنسان يجهد أن يكون بالأولى، أو الثانية، إذا ما صح له أولى، يلحق حاله بالثانية.


    والحمد لله رب العالمين
    جزا الله تعالى كل الخير للشيخ الفاضل

    محمد النابلسي

    والاخوة القائمين على هذا العمل الطيب وتقديمه لاخوانهم المسلمين


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 12, 2024 2:58 am