بوابة الاعظمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ثقافي اجتماعي اسلامي وتاريخي ورياضي والشعر والقصة


    تفسير ايات سورة هود

    القلب الشجاع
    القلب الشجاع
    اداة الشبكة
    اداة الشبكة


    عدد المساهمات : 621
    تاريخ التسجيل : 11/06/2010
    العمر : 38

    تفسير ايات سورة هود Empty تفسير ايات سورة هود

    مُساهمة  القلب الشجاع السبت أبريل 21, 2012 4:01 am

    بسم الله الرحمن الرحيم


    تفسير آيات - سورة هود -: قصة سيدنا شعيب .


    الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.


    أيها الأخوة الكرام:
    لا شك أن لله جل جلاله حكماً كثيرة من ذكر قصص الأنبياء, إنهم قدوة لنا, وإنما جرى في حياتهم دروس بليغة لنا, فهذا شعيب -عليه السلام- يقول:
    ﴿وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ﴾ -في لطيفة للعلماء:
    ((أنه ذكر الله نقص المكيال والميزان))
    كنموذج: يعني أية معصية يرتكبها الإنسان بخلاف منهج الله عز وجل, هذه توجب تأديبه-:
    ﴿وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ﴾
    [سورة هود الآية:84]
    العلماء فسروا كلمة خير: يعني توافر المواد, ورخص الأسعار.
    كلكم يرى أو يسمع, كيف أن هناك ألوفاً مؤلفة, تدع بلادها, وتنزح في العراء, وتنام تحت الخيام, ويموت بعضها جوعاً وبرداً, فما دام الإنسان في مأواه, وفي بلده, وفي بحبوحة , ومعه قوت يومه, ولا يوجد عنده مشكلة, فمعناها نحن بخير, فإذا ارتكبنا معصية, كأننا نقول: يا ربي دمرنا, هذا لسان حالنا:
    ﴿وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ﴾
    [سورة هود الآية:84]
    يعني: هذا الخير لا يدوم مع إنقاص المكيال والميزان, هذا الخير لا يدوم مع إنقاص المكيال والميزان, هذا درس, أنت ببحبوحة, تسكن بمأوى, صحتك طيبة, عندك زوجة وأولاد, أنت معناها بخير, كرامتك موفورة, ابنك بحجرك, ابنتك لا يوجد عندها مشكلة, معك قوت يومك, أنت بخير, معافى, فلو أن هناك معصية أصررت عليها, وأقررت
    عليها, كأن هذه المعصية تنذر بزوال هذه النعم.
    وفي أدعية النبي -عليه الصلاة والسلام-:
    ((اللهم إنا نعوذ بك من فجأة نقمتك, وتحول عافيتك, وجميع سخطك, لك العتبى حتى ترضى))
    أحيان: تأتي المصيبة مفاجئة:
    ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾
    [سورة الشورى الآية:30]

    ﴿وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾
    [سورة هود الآية:85]
    الآن دقق:
    ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ﴾
    [سورة هود الآية:86]
    ما في شيء الله أودعه فينا, إلا له منهج صحيح, له حركة سليمة, له منطقة مباحة, له قناة نظيفة, فهذه القناة, وهذه المنطقة, وهذا الحيز, وهذا المنهج, هذا يكفي لك من المرأة امرأتك زوجتك, ولك أن تنظر إلى محارمك, لكن ليس لك أن تملأ عينيك من امرأة لا تحل لك, أنت تجاوزت الحد, لك أن تأخذ المال الحلال, وأن تنفقه في المال الحلال, هذا ليس لك, لكن ليس لك أن تأكل المال الحرام, وأن تنفقه في معاصي الله. كلمة:
    ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ﴾
    [سورة هود الآية:86]
    يعني: ما أباح الله لكم من كل شهوة أودعها فيكم, هذا يكفيكم, وبتقدير خالق الكون, بتقدير العليم الخبير:
    ﴿قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آَبَاؤُنَا﴾
    -انظر التقاليد والعادات هم يعبدونها-:
    ﴿أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾
    -هذه حرية, نحن أحرار, أنت حر, لكن حر ضمن منهج الله عز وجل, الله عز وجل أعطاك حرية الحركة, لكن ضمن حدود, أما إذا اعتديت على من عند الآخرين بدافع الحرية, فهذا يوجب العقاب-:
    ﴿إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾
    [سورة هود الآية:87]
    ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ﴾
    [سورة هود الآية:88]
    ﴿وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ﴾
    -يعني: إذا أنت متألم من إنسان مؤمن, هذا الألم يمنع عند تأديب الله عز وجل, إن حقدت على جهة تدعو إلى الله, هذا الحقد يمنعك من عذاب الله؟:
    لا يحملنكم شقاقي أن تخالفوا منهج الله.
    يعني: هذا الشيء واقع, أنت زوجة لها زوج يعاملها بقسوة بالغة, فأصبحت تعصي الله نكاية به, يعني إذا شفت صدرها من زوجها, وعصت ربها, هذا يمنعها من أن تؤدب من الله عز وجل؟
    يعني: نقطة دقيقة جداً. و-:
    ﴿لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ﴾
    سورة هود الآية:89]
    ثم يقول له قومه:
    ﴿يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ﴾
    [سورة هود الآية:90]
    يعني: الإنسان قد لا ينتبه, قد يؤثر مصلحته, ولو تمكن لأطفأ نور الله عز وجل كما يدعي هو, فيعني: قد تقف موقف في خندق المنافقين:
    ﴿وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ﴾
    [سورة هود الآية:90]
    يعني: لا قيمة عندنا كرسول, لكن نحن عملنا حسابات, في معادلات معقدة, فما قربنا عليك لا حباً بك, ولا خوفاً من الله, ولكن لمصلحة نريدها, وهذه سياسة أهل الأرض الآن, يتخذون قراراً لا طاعة لله, ولا حباً به, ولكن انطلاقاً من مصالحهم فقط, فقد تسمح لهم مصالحهم أن يبطشوا بالمؤمنين, وقد تسمح لهم مصالحهم أن يدعموهم, ليكونوا ضد أعداء لهم, هكذا يصدق العالم كله:
    ﴿قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَاتَّخَذْتُمُوهُ وَرَاءَكُمْ ظِهْرِيّاً إِنَّ رَبِّي بِمَا تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ﴾
    [سورة هود الآية:92]
    ﴿وَيَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ﴾
    [سورة هود الآية:93]
    العبرة للمستقبل, الأمور تتحرك, يصعد أناس, ويسقط أناس, ولا تستقر الأمور إلا على الحق:
    ﴿وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ﴾
    [سورة القمر الآية:3]
    فالعبرة بالنهاية, العبرة لمن يضحك أخيراً.
    قال بعضهم:
    ((الذي يضحك أولاً يضحك قليلاً, والذي يضحك آخراً يضحك كثيراً))
    العبرة: أن تضحك آخر الناس, حينما ترى لك مقعد صدق عند الله عز وجل, وحينما ترى أنك جئت إلى الدنيا وعرفت حقيقتها, وجئت إلى الدنيا وعرفت حقيقة نفسك, وجئت إلى الدنيا وعرفت أن العمل الصالح هو كل شيء.
    أخواننا الكرام, يعني: إذا الإنسان أحياناً يركز, إذا ركز على بيته يتفوق, يربي أولاده أعلى تربية, يضبط أموره, وإذا ركز على عمله يتفوق, والبطولة: أن تركز على الجهتين معاً ؛ على بيتك, وعلى عملك, وإذا ركز على أمور أخرى يتفوق.
    الآن: حال المسلمين: أنهم يركزون على الدنيا, فإذا شددوا عليها, وركزوا عليها, وانصرفوا إليها, لا أقول: هم يعصون الله, لكن في المباحات, ما الذي يحصل؟ إذا وازنوا أحوالهم مع أحوال أهل الدنيا يتضاءلون, أما لو أنهم ركزوا على الآخرة, لكانوا في حال آخر , هذه تريد جرأة, يجب أن تحاسب نفسك حساباً عسيراً, يوجد آخرة أو لا يوجد؟ إذا لست متأكداً, هذا ليس إيمان, الإيمان:
    ﴿ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾
    [سورة الحجرات الآية:15]
    لكن قال:
    زعم المنجم والطبيب كلاهما لا تبعث الأموات قلت إليكما
    إن صح قولكـما فلست بخاسر أو صح قولي فالخسار عليكما
    ليس هذا هو الإيمان, المؤمن لا يرتاب, فأنت تريد سؤال دقيق جداً: يوجد آخرة إلى الأبد أم لا يوجد؟ إذا يوجد ينبغي أن تعمل لها, وأن تنقل اهتماماتك إليها, وأن يمتلىء يومك بأعمال صالحة من أجل الآخرة, عندئذ تعيش حياة لا توصف من السعادة, لأنك أهملت الدنيا.
    ((إن أسعد الناس في الدنيا أرغبهم عنها, وأشقاهم فيها أرغبهم فيها))
    ((وأوحى ربك إلى الدنيا: أنه من خدمك فاستخدميه, ومن خدمني فاخدميه
    يعني: هذه بالتعبير العامي:
    ((الدنيا تقهر))
    متى الإنسان يعني يريد أن يرتاح؟ بعد ما نضج, يكون عنده خمسون مشكلة.
    شخص أحب أن ينتحر, -هكذا قصة رمزية-, لكن لها معنى عميق جداً, فجاءه ملك الموت, قال له: لا تنتحر, طبعاً: لضيق ذات يده, قال له: اعمل طبيب, فدله, إذا جئت إلى مريض, ورأيتني عند رأسه, فهو سيموت قطعاً, فابتعد عنه ولا تعالجه, واهرب, أما إن رأيتني عند قدميه, هذا ليس مرض الموت, سوف يُشفى, أي شيء تصفه له سوف يشفى, فهذا أتى بسوائل لونها, وحقيبة, يجد ملك الموت عند رأسه يعتذر, هذا ليس اختصاصي, يجده عند قدميه يعالج, ذاع صيته, وتألق نجمه, واشتهر كثيراً, وصار ببحبوحة كثيرة, وشكر الله الذي جاءه ملك الموت في الوقت المناسب, ومنعه أن ينتحر, فلمع نجمه, فإذا بابنة الملك تمرض, والملك جعل لمن يشفي ابنته أن يتزوجها, وأن يكون ولي العهد, فهذا جاء, طبعاً: صار مشهوراً جداً, وجده ملك الموت واقف عند قدمي ابنة الملك, قال: ملكنا كل شيء, عالجها وطابت, وعقد زواجه على ابنة الملك, وصار ولي العهد, ويوم التتويج جاءه ملك الموت: تفضل معي, قال له: الآن!؟ قال له: الآن, مشكلة والله, قال له: والله وقتها أهون كان.
    فالإنسان يصل إلى أعلى درجة شرف, هذا نراه كل يوم بأعيننا, تجد إنسان بعد ما استقر, وأمن دخل كبير, وبيت رائع جداً, ومكانة, تجده جاءه ملك الموت: تفضل على باب صغير, على مثواه الأخير.
    فأنا أقول كلمة: هل أنت متأكد مئة بالمئة أن هناك بعد الموت حياة إلى الأبد؟
    ((فو الذي نفس محمد بيده, ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار))
    فإذا كان الكلام صحيح, متأكد منه, كل يوم تمضي دون أن تعمل فيه عملاً صالحاً, فهو خسارة. قال تعالى:
    ﴿وَالْعَصْرِ﴾
    [سورة العصر الآية:1]
    ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾
    [سورة العصر الآية:2]
    -والعصر: مضي الزمن يستهلكه-:
    ﴿إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾
    [سورة العصر الآية:3]
    لذلك: من بعض الأدعية المأثورة:
    ((لا بورك لي في طلوع شمس يوم لم أزدد فيه من الله علما, ولا بورك لي في شمس يوم لم أزدد فيه من الله قربا))
    فالقضية مصيرية؛ تقرأ كتاب سخيف, تتثاءب وتنام, تقرأ كتاب خطير, تبدأ بعد قراءة الكتاب متاعبك, فنحن أمام امتحان صعب, في مغادرة بلا عودة, وهذه المغادرة لا نعلم متى؟
    يعني: سبحان الله! في هذه الأيام شاب في الرابعة والثلاثين, شاب في الواحدة والأربعين.
    البارح من أخواننا, أحد المحامين توفاه الله عز وجل, ثلاثة وأربعون عمره بحادث, صلي عليه في المسجد, لكن كان صالح فيما أعلم, كان له طلب علم جيد جداً, وكان فيما أعلم صالح؛ لكن ثلاث وأربعون, وأربع وثلاثون, واثنان وثلاثون, وواحد وثلاثون, سبع وعشرون مغادرة, فمتى تسعد؟
    حينما تشعر أنه لو جاء ملك الموت, في عندك شيء, أنت معك رصيد, معك شيء للآخرة:
    ﴿أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ﴾
    [سورة النجم الآية:59]
    ﴿وَتَضْحَكُونَ وَلَا تَبْكُونَ﴾
    [سورة النجم الآية:60]
    ﴿وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ﴾
    [سورة النجم الآية:61

    1 - 2
    القلب الشجاع
    القلب الشجاع
    اداة الشبكة
    اداة الشبكة


    عدد المساهمات : 621
    تاريخ التسجيل : 11/06/2010
    العمر : 38

    تفسير ايات سورة هود Empty رد: تفسير ايات سورة هود

    مُساهمة  القلب الشجاع السبت أبريل 21, 2012 4:05 am

    هذا موضوع مصيري جداً, فتحتاج جلسة مع الذات, تحتاج مراجعة, ماذا لك من أعمال صالحة, ماذا لك مخالفات لا سمح الله, تقصيرات, حقوق مترتبة عليك لم تؤدها, هذا كله انهيه في رمضان, اكتب وصيتك, وهيىء نفسك, وعندئذ تشعر أنك خفيف, أنت ما في شيء, شغلتك خفيفة.
    والله سمعت قصة, إلا أنها واقعية مئة بالمئة, ولولا أن الذي رواها أعرفه صادقاً لا تصدق, هي قصة إنسان, له كان عمل تجاري في أحد أسواق دمشق الرئيسية, لكن كان صالح, كان محباً لله عز وجل, له صفة: أنه إذا كان جاءت لجنة تجمع التبرع, يقول له: افتح صندوق الحديد وخذ ما شئت, ولا تعلمني, أنشأ مسجد, له عمل طيب, في سن مبكر صار معه مرض عضال, ذهب لبلد بعيد, وفي تحاليل لم تنته, فكان الإجابة بالهاتف, فهذه قصة نادرة جداً, هذا سمع بسماعة أخرى جواب المستشفى: أنه بقي ثلاثة أيام ليموت, بأذنه سمعها.
    يقول لي صديقه: لم أر إنساناً أعصابه قوية, وتلقى هذا النبأ هكذا براحة كهذا الإنسان, طلب صديقه, -هذا الذي حكى لي القصة-, قال له: أنا في عندي عشر صفقات, يوجد كم صفقة لم أدفع ثمنهم, ألغهم, ويوجد كم صفقة أنت أكمل معاملتهم, ووزع الربح لورثتي, أنا انتهيت قال له, خلص انتهيت أنا, ثاني يوم استقبل أصهاره, وأولاده, وبناته, وودعهم, ثالث يوم جاء شيخه, وصاروا يقرؤون القرآن, ويهللون, ودخل تغسل بنفسه, ألط حاله ألطة جيدة, والساعة الواحدة سلمها.
    ما تفسير هذا الهدوء باستقبال الموت؟ عمله الطيب, وكل واحد منا إذا له عمله طيب, يمشي صح, مستقيم, مؤدي عباداته, دافع زكاة ماله, غاضض بصره, محسن للخلق, لو جاء خبر مؤلم, يتلقاه بصبر, لأنه هو:
    ﴿وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ﴾
    [سورة آل عمران الآية:158]
    ﴿وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾
    [سورة الزخرف الآية:32]
    لو معك ألف مليون, كم بإمكانك أن تأكل؟ لا تستطيع, الأكل محدود, على كم تخت تنام؟ بكم غرف تجلس؟
    والله في أوهام كبيرة جداً يا أخوان, والله قد تجد إنسان عنده قوت يومه, يسكن بغرفة.
    حدثني أخ من أخواننا صالح, جزاه الله خيرا, قال لي: دخلت لعند إنسان, قال لي: والله لا أبالغ, يعني حجمه المالي قريب أربعة آلاف مليون, قال لي: أد ما شكا لي, أد ما شكا لي, أد ما شكا لي؛ متضايق من بيته, من أولاده, من تجارته, من البلد, قال لي: أنا سأبرك معه, ذهب لمحله التجاري هذا الأخ الراوي, جاءت امرأة محجبة, قالت له: أخي, أنا أريد مساعدة, نريد منكم ألف ورقة بالشهر, ندفعها أجرة بيت, أين تسكنين؟ بداريا, قال لها: أنا عندي مساء اجتماع مع اللجنة, ذهب لداريا, قال: في أخت تريد مساعدة, حققوا معها, قال: قم لنحقق معها, قال: دققنا الباب, بيت تحت درج بالضبط, تحت درج, أمامه فسحة, المسافة العالية غرفة نوم, والمنخفضة مطبخ وحمام, تحت درج, لا يمكن يسكن البيت.
    قال: دخلنا للبيت نظيف, ولدان ثلاثة مرتبين, الزوج نائم على تخت, مريض, شغلة بهذا البيت, في سعادة بهذا البيت, في سرور, فوازن الذي قال له, الذي متضايق من حاله, معه أربعة آلاف مليون, معقول هذا متضايق, وهؤلاء مبسوطين!؟
    -في أسرار عند الله عز وجل, إذا أنت معه يسعدك بأصعب عيشة, وأنت بالسجن أحياناً, وأهل الكهف بالغار, ويونس ببطن الحوت أسعد الناس, وإذا كان بعيد عن الله عز وجل, شقي بأي مكان, ولو بأعلى مكانة-.
    فقال له: والله هذه مناسبة, هيئوا لها ألفين بالشهر, قالت له: لا يكفي ألف, نحن معاش زوجي يكفينا, فقط ينقصنا ألف أجرة بيت, لم تقبل تأخذ ألفين.
    فالله عز وجل يمنح السكينة لإنسان, فيسعد لها ولو فقد كل شيء, ويحجب عنه السكينة, فيشقى بفقدها ولو ملك كل شيء, هذه أسرار الحياة, لن تسعد إلا إذا كنت معه, أبداً:
    ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾
    [سورة الرعد الآية:28]
    لن تسعد إلا إذا كنت معه:
    ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً﴾
    [سورة طه الآية:124]
    خالق الكون.

    حسناً: شخص معه ألف مليون, قال: ضيق القلب, تجد يقرف ويُقرف, مالل من كل شيء, عرفان كل شيء, بأمط قلبك, أد ما يتشاءم, أد ما........ يريك مستقبل أسود, هو معه ألف مليون, يأتي إنسان ما معه شيء؛ لا معه لا أبيض, ولا أصفر, ولا أخضر.
    قال له: الزيتون الجلط هو الدولار, ما معه شيء, ما معه أي رصيد بالبنك, يعيش بدخل محدود, يأكل كل يوم بيومه, تجده أسعد الناس.
    فهذه النقطة الدقيقة -أيها الأخوة-: لن تسعد إلا إذا كنت مع الله:
    ﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾
    [سورة الرعد الآية:28]
    ونحن في رمضان, وأنت ممكن تكون متفوق, وتاجر ناجح, وموظف ناجح, ومدرس ناجح, لأنه حينما تكون مرتاحاً, لما أنت ترتاح لدينك, تأتيك طاقات جديدة.
    الآن: كل الذين يتفوقون أصحاب دين, في دليل معك؟
    الأوائل ما وضعهم الديني؟ أعلنوهم باللوحات العامة, رأيتموهم؟ أكثرهم متمسكون بالدين, مخهم نظيف, لأنه موصول بالله عز وجل, مرتاح, هذا دليل, أكثر الناجحين الأوائل أصحاب دين, وأنت بعملك تتفوق إذا أنت موصول بالله عز وجل, وإذا في عكر في علاقتك مع الله عز وجل, تنعكس على بيتك, وعلى صحتك, وعلى عملك, والحمد لله رب العالمين.
    في فقط سؤالين دقيقين أجيب عنهم:
    هل يحق للزوجة أن تعطي زكاة مالها لزوجها؟
    يجوز أن تعطي المرأة زكاة مالها لزوجها الفقير, لكن لا يجوز للزوج أن يعطي زكاة ماله لزوجه, العكس غير صحيح, ولا يجوز أن تعطي زكاة مالك لفروعك وأصولك؛ لفروعك مهما دنو, ولأصولك مهما علو, نعم هذه واحدة.
    قال:
    ((عن جابر, يقول عليه الصلاة والسلام: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بمئزر, ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام النساء))
    [أخرجه الطبراني في المعجم الكبير والطبراني في المعجم الأوسط وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه عن أبي أيوب]
    هو لعلو هذا الحديث, في عليه بعض الإشكالات.
    على كلٍّ؛ لو قبلنا به, لعل العام الماضي في كشف عورات, وفي بعض يعني المخالفات الشرعية, هذا الذي..... بكل بيت في حمام موضوع, انتهى هذا نعم.
    في موضوع أعالجه إن شاء الله غداً مساء, دقيق قليلاً, يحتاج إلى وقت طويل يعني, في إشكال ورد مع بعض الأخوان, حول شيء تكلمته أنا من يومين, هو ظن أنه يتعارض مع قول النبي:
    ((إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة, هو ليس من أهلها))
    أنا قلت: الله مستحيل تعبده كل حياتك, بعد ذلك قبل أن تموت بدقيقتين ثلاثة, تذل قدمك لجهنم, هذا مستحيل, لكن ممكن شخص يعيش بمجتمع إسلامي, مصالحه مع المسلمين, يكون مستقيم بمصالحه فقط؟ هو ليس من أهل الجنة إطلاقاً, لكن ضاحك على الناس كلها.
    يعني ببلد يصلي, إذا ذهب لمكان بأوروبا يزني, هذا شيء مبين ببلده, إذا ما صلى, لأن الصلاة إجبارية ببلده, إذا ذهب لبلد أجنبي يزني, فهذا:
    ((إن أحدكم ليعمل بعمل ليس من أهل الجنة))
    يعمل بعملها ليس من أهل الجنة, يعمل بعملها طول حياته, طول عمره, منافق:
    ﴿إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ﴾
    [سورة النساء الآية:145]
    ويوجد للحديث تتمة ورواية:
    ((إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس, هو ليس من هؤلاء))
    هذا بالأساس غير مؤمن, لكن يعني يظهر شيء هو ليس, ويؤكد الحديث:
    ((يؤتى برجل لهم أعمال كجبال تهامة, يجعلها الله هباء منثورا, يا بني جلهم لنا, قال: إنهم يصلون كما تصلون, ويأخذون من الليل كما تأخذون, ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله
    انتهكوها))
    معنى منافقين معناها, الحديث يعني هؤلاء.
    ((إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة ليس من أهلها))
    وليس مؤمناً, لكن مصالحه تعلقت بالمؤمنين, يصلي أمامهم, يصلي يمكن بدون وضوء, الله عليم, يصلي أمامهم, ويصوم, يفعل كل شيء, وليس من أهلها, لكن الله عز وجل لا بد من أن يكشفه, لكن أن تعبده مخلصاً طوال حياتك, والله يزحلقك, هذا الشيء مستحيل, وألف ألف ألف مستحيل, الله كريم, يكون ما في جنس الخير.
    قال سيدنا موسى, بدعاء الاستسقاء دعا الله بالسقيا, قال له:
    ((يا موسى, إن فيكم عاصياً فليغادركم, هذا قال: من كان فينا عاصياً لله فليغادرنا, لم يخرج أحد, والمطر نزل, قال له: يا رب, من هذا الذي يعصيك؟ قال له: عجيب لك يا موسى, أستره عاصياً وأفضحه تائباً!؟))
    معقول
    أستره عاصياً وأفضحه تائباً!؟))
    الله يتوب على من يشاء, فقضية, هذه القضية الخاصة بالحديث:
    ((إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس, وليس من أهلها))


    والحمد لله رب العالمين


    جزا الله تعالى كل الخير للشيخ الفاضل

    محمد النابلسي

    والاخوة القائمين على هذا العمل الطيب وتقديمه لاخوانهم المسلمين





    وما مِنْ كاتـبٍ إلاَّ سَيَفنَـى ويُبقِى الدَّهـرُ ما كَتَبَتْ يــداهُ


    فلا تكتُب بِكَفِّـكَ غيرَ شىءٍ يسُرُّك يـومَ القيـامةِ أن تــراهُ



    2 - 2

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت مايو 11, 2024 4:18 pm