بوابة الاعظمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ثقافي اجتماعي اسلامي وتاريخي ورياضي والشعر والقصة


    تاريخ العراق القديم مدينة أيسن

    صدى قلبي
    صدى قلبي
    عضو متميز
    عضو متميز


    عدد المساهمات : 157
    تاريخ التسجيل : 01/01/2014

    تاريخ العراق القديم مدينة أيسن Empty تاريخ العراق القديم مدينة أيسن

    مُساهمة  صدى قلبي الإثنين يناير 03, 2022 3:43 am

    بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

    مدينة قديمة في بلاد النهرين، ربما تكون هي ذلك التل الكبير قرب الديوانية، محافظة المثنى، العراق. تأسست هناك سلالة مستقلة في حوالي 2017 ق. م. ، أسسها أشبي – إيرّا، " رجل ماري ". وقد أسس سلالة من الحكام العموريين ادعى الخمسة الأوائل منهم السلطة على مدينة أور في الجنوب. والخامس من حكام آيسن، لِبـِت – عشتار (حكم للفترة 1934 – 1924 ق. م. )، اشتهر بسبب نشره سلسلة من القوانين باللغة السومرية سبقت شريعة حمورابي بأكثر من قرن. وفي حوالي 1794 فقدت آيسن استقلالها، في البداية لصالح المدينة المجاورة لارسا، وفيما بعد لصالح بابل. وانتعشت المدينة من جديد بين حوالي 1156 و1025 تحت حكم سلالتها الثانية، التي بسط عدد من ملوكها السلطة على بلاد بابل (جنوب العراق).

    تذكر المصادر التاريخية ان هنالك علاقة بين اخر ملوك سلالة اور وبمؤسس "أيسن"، اشبي ــ ابرا، وكيف أن هذا كان في أصله من مدينة "ماري"، أما في خدمة ملك "اور"، ابي ــ سين أو أنه التحق بخدمته من بعد ذلك، وكيف أنه اغتنم فرصة اضطراب الاحوال في امبراطورية "أور"، من جراء تدفق الهجرات الآمورية، فاستقل عن ملك أور وأسس في مدينة "أيسن"(1) سلالة مستقلة منذ العام الثاني عشر من حكم "ابي ــ سين"، وبدأ يؤرخ بالأحداث الخاصة بحكمه(2). وقد قام حكمه زهاء ثلاثة وثلاثين عاماً، وضم إلى مملكته بالإضافة إلى مدينة أيسن والأراضي التابعة لها مدناً اخرى أهمها مدينة "أور" وتوابعها، حيث استطاع أن يطرد العيلاميين منها، ومدينة "نفر"، ومنطق لجش والاجزاء الجنوبية ومن بينها سواحل الخليج. وكانت "أيسن" أهم سلالة في العهد البابلي القديم في سعة رقعتها ونشاط ملوكها ومآثرهم التي خلفوها، وقد تفوقت على السلالة المعاصرة، أي سلالة "لارسة" المجاورة لها على الرغم من ان نهاية "أيسن" كانت على يدها، من جانب ملكها المسمى "ريم ــ سين" في العام 1794ق.م، فزالت من الوجود، واستمرت سلالة لارسة المنافسة لها في الوجود إلى زمن حمورابي، حيث تلقت الضربة القاضية بدورها على يده (1763 ق.م). وحكم في سلالة أيسن سبعة عشر ملكاً أولهم كما قلنا "أشبي ــ ايرا"، وآخرهم "دامق ــ اليشو" (1794 – 1816ق.م).

    استمرت سلالة "أيسن" في الازدهار والتوسع ولا سيما في عهود الملوك الأربعة الذين خلفوا المؤسس "اشبي ــ ايرا"، وقد عمل الملكان الأولان اللذان خلفاه وهما "شو ــ اليشو" و "اشمي ــ دكان" على مد رقعة الملكة إلى الخليج، من بينها "نلمون" أو "دلمون" (البحرين)، كما امتدت شمالاً إلى منطقة "سبار" وبهذا سيطرت على نصف بلاد أكد وسومر تقريباً، بالإضافة إلى ما سجل عن ملوكها الاوائل من نشاط تجاري خارجي بإقامة علاقات تجارية واسعة مع الأقطار المجاورة.

    وكان مؤسس السلالة "اشبي ــ ايرا" يعتبر مملكته ورثة لسلالة "أور" ووريثه السومريين بوجه عام في ملوكية "بلاد سومر واكد"، ويتجلى ذلك في تعلق ملوك هذه السلالة بالثقافة السومرية، وسار الكثير منهم على حذو في تعلق ملوك "أور" في ألقابهم وأسلوب الحكم في بلاطهم وألقابهم، وتأله بعضهم على غرار ملوك "اور" ونظمت التراتيل في مديحهم (3)، كما لقبوا أنفسهم ملك أور، وملك سومر وآكد، وكانت اللغة السومرية اللغة الرسمية تقريباً لهم، كما يدل على ذلك الكتابات الملكية التي جاءت إلينا من ملوكهم، والجدير بالذكر أن كثيراً من القطع الادبية السومرية التي وجدت إلينا من ملوكهم، والجدير بالذكر أن كثيراً من القطع الأدبية السومرية التي وجدت في مكتبة مدينة "نفر" قد ألفت أو استنسخت في هذا العهد ولعله بطلب من ملوك سلالة "أيسن"، ولهذه الأسباب على ما يرجح يمكن ان نعزو إصدار نسخة جديدة لأثبات الملوك السومريين بحيث تضمنت أسماء ملوك هذه السلالة ولكنها لم تذكر أسماء ملوك السلالات الاخرى المعاصرة. وبعد حين من قيام سلالة "أيسن" شرعت هجرات ثانية من الأقوام الآمورية إلى الاجزاء الوسطى والجنوبية من العراق ونجح زعماء بعض القبائل في تأسيس كيانات سياسية لهم، من بينها سلالة بابل الاولى الشهيرة التي سيأتي ذكرها فاضطر ملوك سلالة أيسن وغيرهم من السلالات الأخرى إلى إقامة الحصون للعمل على صد اندفاع هذه الهجرات الجديدة. ومهما كان الحال فإن سلالة "أيسن" استمرت في الازدهار إلى أن بدأت المتاعب والاخطار مع الدويلة المجاورة أي سلالة "لارسة" التي كانت تنافسها وتنازعها السلطة على البلاد وظهر النزاع الحاد في عهد ملكها الخامس المسمى "لبت ــ عشتار" (1924 – 1934ق.م) الذي اشتهر بإصدار شريعته الخاصة التي سبقت شريعة حمورابي الشهيرة بنحو قرنين من الزمن وقد دونها اللغة السومرية الأمر الذي يعزز ما ذكرناه من تعلق ملوك هذه السلالة باللغة والثقافية السومرية. وكان "لبت ــ عشتار" يعاصر ملك "لارسة" المسمى "كنكونم" الذي كان على شيء كبير من المقدرة والدهان بحيث استطاع أن ينتزع مناطق مهمة تابعة إلى أيسن مثل "أور" و "لجش" وادعى الملوكية على بلاد "سومر وأكد"، وبذلك رجحت الكفة في صالح "لارسة" ولا سيما من بعد سيطرتها على المناطق المتاخمة للخليج وهي المفتاح المهم للتجارة الخارجية، واستمر توازن القوى في صالح الدولة المعادية، بحيث استطاع ملكها المسمى "سوموايل" أن ينتزع المدينة المقدسة "نفر" من ملك "أيسن" المعاصر المسمى "ايرا ــ ايميني" (الملك التاسع 1861 – 1868ق.م). ويجدر ان ننوه بمناسبة ذكرنا لهذا الملك بالكيفية التي مات بها، مما يتعلق بما يسمى في تاريخ حضارة وادي الرافدين "الملك البديل"(4)، وفحواها أن عرف القوم جرى أنه في حالات توقع حدوث خطر بالمملكة بحسب تنبؤات الفأل ولكي لا يتعرض إليها شخص الملك المقدس كان ينصب ملك بديل لدفع الشر عن الملك الحقيقي، فيتوج ويحكم طوال فترة الاخطار، ثم ينحى عن الحكم عند زوالها. وفي حالة "ايرا ــ ايميتي" السالف الذكر تذكر لنا التواريخ البابلية(5) ما حدث بالعبارة التالية: "لكي لا تنقرض السلالة الحاكمة عين الملك "ايرا ــ ايميتي" البستاني المسمى "انليل ــ باني" بدلاً منه على العرش، ووضع التاج الملكي فوق رأسه. ولكن "ايرا ــ ايميتي" مات بدلاً منه على أثر تناوله الحساء. اما "انليل ــ باني" فلم يتخل عن العرش بل صار ملكاً حقيقياً". وليس من المستبعد أن الملك الحقيقي مات مسموما لعله على يد ذلك الملك البديل، الذي حصل على عرش المملكة واستمر في الحكم طوال عشرين عاماً. ولكن مملكة "ايسن" استمرت في التدهور في حين أن السلالة المعادية "لارسة" كانت في تعاظم مستمر وصادف في حدود هذا الزمن تبدل في حكمها من بعد موت ملكها المسمى "ضلي ــ أدد" (في عام 1834ق.م) في أثناء حربه مع سلالة بابل التي سيأتي ذكرها فتدخل في شؤون المملكة حاكم إقليم "يموت ــ بعل" المسمى "كودر ــ مابك"، وهو الإقليم المتاخم لبلاد عيلام، ما بين دجلة والمرتفعات التي يمر منها نهر ديالى، كما مر بنا. ويشير الاسم العيلامي لهذا الحاكم إلى أن مملكته كانت تحت نفوذ العيلاميين، وجاء من بين ألقابه أنه "أبو الآموريين". وبعد استيلائه على مملكة "لارسة" نصب على عرشها ابنه المسمى "ورد ــ سين" اما هو فظل يحكم في إقليمه الخاص. وبتولي "ورد ــ سين" عرش لارسة ازدادت قوة وسلطاناً. وبعد ان حكم زهاء الأحد عشر عاماً (1823 – 1834) خلفه على عرش لارسة أخوه المسمى "ريم ــ سين" الذي حكم أمداً طويلاً واستطاع القضاء على سلالة "أيسن" في عام 1794 ق.م وبهذا زالت دولة من الدول المهمة المتنافسة في مطلع العهد البابلي القديم، وانحصر النزاع الآن بين "لارسة" وبين سلالة بابل الأولى، في عهد حمورابي الشهير الذي خلف أباه "سين ــ مبلط" بعد عامين من القضاء على سلالة "أيسن"، وظل الخصمان القويان، حمورابي و "ريم ــ سين" يتربص أحدهما بالآخر طوال 30 عاماً، كانت الغلبة في نهاية الأمر لحمورابي الذي قضى على دول المدن الأخرى وتفرد بزعامة البلاد وسيتكرر ذك هذه الأحداث في كلامنا على سلالة بابل الأولى.

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مايو 09, 2024 5:30 am