بوابة الاعظمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ثقافي اجتماعي اسلامي وتاريخي ورياضي والشعر والقصة


  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

سنة تسع من الهجرة ذكر غزوة تبوك في رجب منها

البيت العراقي
البيت العراقي
عضو متميز
عضو متميز


عدد المساهمات : 206
تاريخ التسجيل : 19/07/2014

سنة تسع من الهجرة ذكر غزوة تبوك في رجب منها Empty سنة تسع من الهجرة ذكر غزوة تبوك في رجب منها

مُساهمة  البيت العراقي الجمعة أغسطس 08, 2014 5:00 am

بسم الله الرحمن الرحيم اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

سنة تسع من الهجرة، ذكر غزوة تبوك في رجب منها

قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ * قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 28 - 29‏]‏‏.‏

روي عن ابن عبَّاس، ومجاهد، وعكرمة، وسعيد بن خبير، وقتادة، والضحاك، وغيرهم أنه لما أمر الله تعالى أن يمنع المشركون من قربان المسجد الحرام في الحج وغيره‏.‏

قالت قريش‏:‏ لينقطعن عنَّا المتاجر والأسواق أيام الحج، وليذهبنَّ ما كنَّا نصيب منها؛ فعوضهم الله عن ذلك الأمر بقتال أهل الكتاب حتَّى يسلموا، أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون‏.‏

قلت‏:‏ فعزم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على قتال الرُّوم لأنهم أقرب النَّاس إليه، وأولى النَّاس بالدعوة إلى الحق، لقربهم إلى الإسلام وأهله‏.‏

وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 123‏]‏‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 5/6‏)‏

فلما عزم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على غزو الرُّوم عام تبوك، وكان ذلك في حرّ شديد، وضيق من الحال، جلَّى للنَّاس أمرها، ودعى من حوله من أحياء الأعراب للخروج معه، فأوعب معه بشر كثير، كما سيأتي قريباً من ثلاثين ألفاً، وتخلَّف آخرون، فعاتب الله من تخلَّف منهم لغير عذر من المنافقين والمقصرين، ولامهم ووبَّخهم وقرعهم أشدَّ التَّقريع، وفضحهم أشدَّ الفضيحة، وأنزل فيهم قرآناً يُتلى، وبيَّن أمرهم في سورة براءة، كما قد بينَّا ذلك مبسوطاً في التَّفسير، وأمر المؤمنين بالنفر على كل حال‏.‏

فقال تعالى‏:‏ ‏{‏انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لَاتَّبَعُوكَ وَلَكِنْ بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَوِ اسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 41 - 42‏]‏‏.‏ ثمَّ الآيات بعدها‏.‏

ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 122‏]‏‏.‏

فقيل‏:‏ إن هذه ناسخة لتلك‏.‏

وقيل‏:‏ لا، فالله أعلم‏.‏

قال ابن إسحاق‏:‏ ثم أقام رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى رجب - يعني‏:‏ من سنة تسع - ثم أمر النَّاس بالتَّهيؤ لغزو الرُّوم‏.‏

فذكر الزُّهري، ويزيد بن رومان، وعبد الله ابن أبي بكر، وعاصم بن عمر بن قتادة، وغيرهم من علمائنا كلٌ يحدِّث عن غزوة تبوك ما بلغه عنها، وبعض القوم يحدِّث مالم يحدِّث بعض‏:‏

أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أمر أصحابه بالتَّهيؤ لغزو الرُّوم، وذلك في زمان عسرة من النَّاس، وشدَّة الحرّ، وجدب من البلاد، وحين طابت الثِّمار، فالنَّاس يحبّون المقام في ثمارهم وظلالهم، ويكرهون الشُّخوص في الحال من الزَّمان الذي هم عليه‏.‏

وكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قلَّ ما يخرج في غزوة إلا كنى عنها، إلا ما كان من غزوة تبوك، فإنه بيَّنها للنَّاس لبعد المشقة، وشدَّة الزمان، وكثرة العدو الذي يصمد إليه، ليتأهب النَّاس لذلك أهبته‏.‏

فأمرهم بالجهاد وأخبرهم أنه يريد الرُّوم‏.‏

فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ذات يوم وهو في جهازه ذلك للجد بن قيس - أحد بني سلمة -‏:‏ ‏(‏‏(‏يا جد هل لك العام في جلاد بني الأصفر‏؟‏‏)‏‏)‏‏.‏

فقال‏:‏ يا رسول الله أوتأذن لي ولا تفتني، فوالله لقد عرف قومي أنه ما رجل أشد عجباً بالنِّساء مني، وإني أخشى إن رأيت نساء بني الأصفر أن لا أصبر‏.‏

فأعرض عنه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وقال‏:‏ ‏(‏‏(‏قد أذنت لك‏)‏‏)‏‏.‏

ففي الجد أنزل الله هذه الآية‏:‏ ‏{‏وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 49‏]‏‏.‏

وقال قوم من المنافقين بعضهم لبعض‏:‏ لا تنفروا في الحرّ زهادة في الجهاد، وشكَّاً في الحق، وإرجافاً بالرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم فأنزل الله فيهم‏:‏ ‏{‏وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ * فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلاً وَلْيَبْكُوا كَثِيراً جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 81-82‏]‏‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 5/7‏)‏

قال ابن هشام‏:‏ حدَّثني الثِّقة عمن حدَّثه عن محمد بن طلحة بن عبد الرحمن، عن إسحاق بن إبراهيم بن عبد الله بن حارثة، عن أبيه، عن جده قال‏:‏ بلغ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ ناساً من المنافقين يجتمعون في بيت سويلم اليهودي - وكان بيته عند جاسوم - يثبطون النَّاس عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في غزوة تبوك، فبعث إليهم طلحة بن عبيد الله في نفر من أصحابه، وأمره أن يحرق عليهم بيت سويلم، ففعل طلحة، فاقتحم الضحَّاك بن خليفة من ظهر البيت، فانكسرت رجله، واقتحم أصحابه فأفلتوا‏.‏

فقال الضحاك في ذلك‏:‏

كَادتْ وبَيْتُ اللهِ نارُ مُحَمدٍ * يُشِيطُ بِهَا الضَحَّاكُ وابنَ أُبيرّقِ

وَظَلّتْ وَقدْ طَبَقَتْ كَبْسَ سُوَيْلَمٍ * أَنُوء علَى رِجلِي كَسِيراً وَمِرُفَقِ

سَلامُ عَلَيّكُمْ لا أَعُودُ لمثِلِها * أَخَافُ وَمَن تَشمِل به النَّارَ يُحْرق

قال ابن إسحاق‏:‏ ثم إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم جدَّ في سفره، وأمر النَّاس بالجهاز والانكماش، وحضَّ أهل الغنى على النَّفقة، والحملان في سبيل الله، فحمل رجال من أهل الغنى واحتسبوا، وأنفق عثمان بن عفان نفقة عظيمة لم ينفق أحد مثلها‏.‏

قال ابن هشام‏:‏ فحدَّثني من أثق به أنَّ عثمان أنفق في جيش العسرة في غزوة تبوك ألف دينار‏.‏

فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم‏:‏ ‏(‏‏(‏اللَّهم ارض عثمان فإني عنه راض‏)‏‏)‏‏.‏

وقد قال الإمام أحمد‏:‏ حدَّثنا هارون بن معروف، ثنا ضمرة، ثنا عبد الله بن شوذب عن عبد الله بن القاسم، عن كثة - مولى عبد الرحمن بن سمرة - قال‏:‏ جاء عثمان بن عفان إلى النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بألف دينار في ثوبه، حين جهَّز النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم جيش العسرة‏.‏

قال‏:‏ فصبها في حجر النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فجعل النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقلِّبها بيده ويقول‏:‏ ‏(‏‏(‏ما ضرَّ ابن عفان ما عمل بعد اليوم‏)‏‏)‏

ورواه التِّرمذي عن محمد بن إسماعيل عن الحسن بن واقع عن ضمرة به‏.‏

وقال‏:‏ حسن غريب‏.‏

وقاله عبد الله بن أحمد في مسند أبيه‏:‏ حدَّثني أبو موسى العنزي، حدَّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدَّثني سكن بن المغيرة، حدَّثني الوليد ابن أبي هشام، عن فرقد أبي طلحة، عن عبد الرحمن بن حباب السَّلمي قال‏:‏ خطب النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم فحثَّ على جيش العسرة‏.‏

فقال عثمان بن عفان‏:‏ عليَّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها‏.‏

قال‏:‏ ثم نزل مرقاة من المنبر، ثمَّ حثَّ‏.‏

فقال عثمان‏:‏ عليَّ مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها‏.‏

قال‏:‏ فرأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول بيده هكذا يحرِّكها‏.‏ ‏(‏ج/ص‏:‏ 5/8‏)‏

وأخرج عبد الصَّمد يده كالمتعجب ‏(‏‏(‏ما على عثمان ما عمل بعد هذا‏)‏‏)‏‏.‏

وهكذا رواه التِّرمذي عن محمد بن يسار عن أبي داود الطيالسي، عن سكن بن المغيرة أبي محمد - مولى لآل عثمان - به‏.‏

وقال‏:‏ غريب من هذا الوجه‏.‏

ورواه البيهقي من طريق عمرو بن مرزوق، عن سكن بن المغيرة به‏.‏

وقال‏:‏ ثلاث مرات أنه التزم بثلاثمائة بعير بأحلاسها وأقتابها‏.‏

قال عبد الرحمن‏:‏ فأنا شهدت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول وهو على المنبر‏:‏

‏(‏‏(‏ما ضرَّ عثمان بعدها‏)‏‏)‏ - أو قال -‏:‏ ‏(‏‏(‏بعد اليوم‏)‏‏)‏‏.‏

وقال أبو داود الطيالسي‏:‏ حدَّثنا أبو عوانة عن حصين بن عبد الرحمن، عن عمرو بن جاوان، عن الأحنف بن قيس قال‏:‏ سمعت عثمان بن عفان يقول لسعد ابن أبي وقاص، وعلي والزبير وطلحة‏:‏ أنشدكم بالله هل تعلمون أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال‏:‏ ‏(‏‏(‏من جهَّز جيش العسرة غفر الله له‏)‏‏)‏ فجهَّزتهم حتَّى ما يفقدون خطاماً ولا عقالاً‏.‏

قالوا‏:‏ اللهم نعم‏!‏

ورواه النسائي من حديث حصين به‏.‏

البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله
  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 10, 2024 4:03 am