بوابة الاعظمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ثقافي اجتماعي اسلامي وتاريخي ورياضي والشعر والقصة


  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

الطاعون في بغداد وفيضان دجلة سنة 1831

صدى قلبي
صدى قلبي
عضو متميز
عضو متميز


عدد المساهمات : 157
تاريخ التسجيل : 01/01/2014

الطاعون في بغداد وفيضان دجلة سنة 1831 Empty الطاعون في بغداد وفيضان دجلة سنة 1831

مُساهمة  صدى قلبي الإثنين يناير 13, 2014 12:37 am

في عهد المماليك الذي شهدته بغداد، طواعين عديدة ،غير ان اشدها فتكاً ،الطاعون الذي انتشر خلال الاشهر الاولى من عام 1831. وقد سرى هذا الوباء من ايران، فمنذ شهر تموز 1830، كانت الاخبار ترد الى بغداد عن تفشي الطاعون في مدينة تبريز ، وبعد شهرين بدأت اصاباته تظهر في كركوك ثم في السليمانية حتى اجتاح جميع كردستان العراق . وبالرغم من ذلك فان التدابير الوقائية لم تتخذ لمنع تقدمه نحو بغداد ، فقد استمرت القوافل القادمة من ايران وكردستان تدخل بغداد بكل حرية ، وظهرت في بغداد في اواخر اذار اولى الاصابات بهذا المرض المخيف ،فتوفي حتى اليوم العاشر من نيسان أي بعد مرور خمسة عشر يوماً من اول اصابة ، سبعة الاف نسمة . وخلال ذلك كان الكثيرون من السكان يحاولون الفرار من المدينة ، غير ان السفن النهرية لم تكن لتكفيهم ، كما ان الطرق اصبحـــــــت غير امنة بسبب انتشار اعمال السلب والنهب. وقد اضطر القنصل البريطاني الى مغادرة بغداد الى البصرة ومعه موظفوه. واستمــــــر الوباء بحصد النفوس حصداً حتى هلك في اليوم الحادي عشر الف ومائتان شخص، وازداد معدل الوفيات خلال الـ(ستة عشر) يوماً التي حلت بعد هذا فبلغ في كل يوم بين الف وخمسمائة الى ثلاثة الاف نسمة . فخلت الشوارع من المارة، وتكدست فيها جثث الموتى، وعجز الاحياء عن دفن موتاهم . فحل الصمت المروع محل العويل على الموتى ،وزاد الامر سوءاً ندرة الطعام ووفاة معظم السقائين الذين يقومون بنقل الماء الى دور الاهالي ،ومن بقي حياً منهم كان يأخذ الماء لغسل جثة احد الموتى.
ثم جاء فيضان دجلة في الحادي والعشرين من نيسان ليتعاون مع هذا الوباء على بغداد المنكوبة ،فقد احاطت المياه بها ، ولم يكن هناك من يحكم السداد الواقعة في الجهة الشمالية من المدينة ،وهي الحامية الوحيدة لها من خطر الفيضان.
وفي ليلة اليوم السادس والعشرين اكتسح النهر سداده، فأغرق الفي دار في ظرف بضع ساعات وتهدم جانب من القلعة ايضاً ،وفي ظرف اربع وعشرين ساعة اجتاحت المياه السراي وسبعة الاف دار. وقد انطلقت خيول الوالي داود باشا هائمة في شوارع المدينة. وفي اوائل مايس انكسرت حدة مياه الفيضان وعنفوان الطاعون، فقد اخذت مياه دجلة بالانخفاض، وتناقص الطاعون حتى زال في نهاية الاسبوع الاول منه خطر الطاعون والفيضان معاً. واخذ يسمع لاول مرة منذ ثلاثة اسابيع اصوات المؤذنين للصلاة، وقد بدأت الحركة من جديد تدب في المدينة التي فقدت ثلثي سكانها تقريباً .غير ان جثث الموتى كانت ماتزال ملقاة في الشوارع والازقة والاسواق تعبث بها الكلاب ،فأخذ الاحياء بدفن قسم منها ، والقي القسم الاخر في النهــــروكان الوالي داود باشا قد اهتم بتنظيــــــف بغداد ودفع مبالغ كبيرة لنقل الجثث. وقد بدأت بعض المواد الغذائية تظهـــــــر في الاسواق المهدم اكثرها ، غير ان كثيراً من المهن انقرضت بموت اربابها .اما مستقبل المدينة فكان مظلماً ظلام الحوادث المروعة التي مرت بها.
د.قاسم جبر السوداني


  • إرسال موضوع جديد
  • إرسال مساهمة في موضوع

الوقت/التاريخ الآن هو السبت مايو 11, 2024 11:41 am