طائر الحب الإثنين ديسمبر 23, 2013 8:53 pmمن لايعرف قصر شعشوع فهو دائما ً معروف من خلال الأمثال التي نتداولها فيما بيننا خاصة إذا أريد بناء بيت واستغرق مدة طويلة يقال له (قابل دتبني قصر شعشوع) وهكذا يبقى هذا القصر القديم في بنائه المتواضع وفخامته مشهوراً دائماً.
فقد بدأ بناؤه عام 1906 وانتهى بناؤه عام 1908 واستعمل في بنائه الآج ر والاسمنت والشيلمان ، مع إن تلك المواد لم تكن شائعة في ذلك الوقت بل الطابوق الطيني (اللبن) ، أما مساحته فأربعة آلاف متر غرق منها مع جزء من القصر بحدود ألف متر بسبب الفيضان الذي اجتاح العراق في الخمسينيات .. عندما حدثت فجوة في السدة التي على النهر فتدفق الماء ليغرق بغداد والمناطق المحيطة بها وسميت (الكسرة) ولازال هذا الاسم يطلق عليها حتى الآن.
حيث تحف بالقصر من الداخل حديقتان رائعتا التصميم وصاحبه أي القصر يبذل كل جهده ووقته للعناية بهما ورعايتهما فهما بحق تشكلان لوحة رائعة الجمال لما فيها من تناسق الزهور والأشجار والظليات لكن سحرها مثل سحر حدائق قصور ملوك اوروبا وباروناتها.
وبالقرب من القصر (البلاط الملكي) الذي كان يتخذ قصرا ً رسمياً للدولة يواظب فيه الملك والوزراء والنواب والأعيان ورجال السياسة على التواجد فيه يومياً ، إلا أن النظام السياسي السابق في العراق قد أقدم على هدم هذا البناء و أقام بدلاً عنه بناية حديثة سميت (بنادي القادة).
وخلال البحث فيما بين بعض المصادر التأريخية أتضح أن قصر شعشوع صاحبه (شاؤول شعشوع) وهو يهودي الأصل وكان من تجار بغداد المشهورين وعندما أراد بناء قصره قام باختبار ينم عن الفطنة ورجاحة العقل ، لذا فقد أقدم على ذبح مجموعة من الخراف ووزعها بين ضفاف دجلة وتركها يوماً وليلة فوجد أن الخروف الذي ترك مذبوحاً في مكان القصر الحالي لم يصبه التلف وهكذا بدأ ببناء القصر. وعند الاستفسار عن سبب ذلك تبين أنه أراد أن يتأكد أن المنطقة التي سيبني عليها قصره صالحة من جميع النواحي ولهذا عمد الى تلك الطريقة ليتأكد من توفر الهواء الصحي والشمس الدائمة.
عاش في هذا القصر عدد كثير من الملوك والأمراء والمشاهير منهم الملك فيصل الأول عندما تم تنصيبه عام 1921 حيث لم يكن قد بنى له داراً وحينما وصل الملك فيصل وعائلته الى بغداد اختير هذا القصر سكناً له ولعائلته ثم بعد الفيضان انتقل الى قصر يهودي آخروهو التاجر (مناحيم دانيال) في منطقة السنك، ثم شغل القصر بعد الملك فيصل الأول البلاط الملكي خلال وزارة ناجي السويدي عام (1929-1930 ).
وفي عام (1931- 1933 ) عادت عائلة شعشوع لتسكن فيه مرة ثانية ، وفي عام (1934-1942) شغله الزعيم الوطني (جعفر أبو التمن) وزير المالية ، وفي عام (1943-1945) ثم بعدها سكنه المحامي النائب صبيح نجيب (1946-1952).
وإذا ماأردت القيام بجولة في هذا القصر ستتطلع الى غرفه الكثيرة وقاعاته الرائعة في الزخرفة والهندسة في البناء بالإضافة الى توزيعات الأعمدة الخشبية الكبيرة والتي تزينها النقوش الجميلة وشبابيك هذه القاعات الطويلة الفارهة من كل جانب فيه بحيث نرى فيه عملية التهوية ودخول الشمس اليه من المشرق والمغرب ، كما إن هناك شعوراً يمكن أن تشعر به من خلال انتقالك داخل غرفه او قاعاته بأنك تطوي صفحة من صفحات التأريخ التي تفتح ذراعيها لتقرأ سطوراً يفوح منها صدق الوطنية وعزيمة الرجال الذي سجلوا الكثير من تفانيهم لهذا الوطن ويتواضع وبلا ضوضاء ولادعايات .