بوابة الاعظمية

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

ثقافي اجتماعي اسلامي وتاريخي ورياضي والشعر والقصة


    سيرة التابعين/العز بن عبدالسلام

    العراقي الماهر
    العراقي الماهر
    المراقب العام
    المراقب العام


    عدد المساهمات : 380
    تاريخ التسجيل : 07/04/2011
    العمر : 37

    سيرة التابعين/العز بن عبدالسلام Empty سيرة التابعين/العز بن عبدالسلام

    مُساهمة  العراقي الماهر الجمعة أغسطس 23, 2013 7:58 am



     
    العز بن عبد السلام نسبه و قبيلته :

    هو عبد العزيز بن عبد السلام بن أبي القاسم بن الحسن ، شيخ الإسلام وبقية الأعلام ، الشيخ عز الدين أبو محمد الدمشقيُّ الشافعيُّ . وُلِد بدمشق سنة 577هـ/ 1181م ، ونشأ فيها .

    طفولة العز بن عبد السلام وتربيته :

    نشأ العزُّ بن عبد السلام في أسرة فقيرة ، وكان هذا من الأسباب التي جعلته يطلب العلم بعد أن أصبح كبيرًا ، وقد أتاح له ذلك - مع اجتهاده في طلب العلم وصبره عليه - أن يتفقه كثيرًا ، وأن يعي ما يحصّله من علم أكثر من غيره .

    ملامح من شخصية العز بن عبد السلام

    فقه العز بن عبد السلام وعلمه :

    من أهم ملامح شخصية الشيخ (رحمه الله) علمه و فقهه ، فقد تميّز الشيخ وبرع في هذه الناحية كثيرًا حتى لقبّه تلميذه الأول ابنُ دقيق العيد بسلطان العلماء . و مما يشهد بسعة علم الشيخ ما تركه للأمة من مؤلفات كثيرة عظيمة القيمة ، عميقة الدقة في مادتها ، والتي ما زال الكثير منها مخطوطًا ولم يطبع بعد .

    هيبة العز بن عبد السلام وجرأته في الحق :

    هذا الجانب أيضًا مما تميّز به الشيخ و بلغ فيه مبلغًا عظيمًا حتى اشتهر به ، فلا يُذكر العز بن عبد السلام إلا وتُذكر الهيبة التي يهبها الله للعاملين المخلصين من عباده ، لا يُذكر العز (رحمه الله) إلا وتُذكر معه الجرأة على كل مخالف لشرع الله ، مهما علا مكانه ، وارتفعت بين الناس مكانته .

    و نظرة في أي مرحلة من حياة الشيخ نجد هذا الأمر ملازمًا له لا ينفك عنه بحالٍ من الأحوال ، وله مواقف خالدة كثيرة في ذلك ، منها :

    حينما تولى (الصالح إسماعيل الأيوبي) أمر دمشق - وهو أخو الصالح أيوب الذي كان حاكمًا لمصر - فتحالف مع الصليبيين لحرب أخيه نجم الدين أيوب في مصر، وكان من شروط تحالفه مع الصليبيين أن يُعطي لهم مدينتي صيدا والشقيف ، وأن يسمح لهم بشراء السلاح من دمشق ، وأن يخرج معهم في جيش واحد لغزو مصر. وبالطبع ثار العالم الجليل العز بن عبد السلام ، ووقف يخطب على المنابر ينكر ذلك بشدة على الصالح إسماعيل ، ويعلن في صراحة ووضوح أن الصالح إسماعيل لا يملك المدن الإسلامية ملكًا شخصيًّا حتى يتنازل عنها للصليبيين ، كما أنه لا يجوز بيع السلاح للصليبيين ، وخاصةً أن المسلمين على يقين أن الصليبيين ما يشترون السلاح إلا لضرب إخوانهم المسلمين. و هكذا قال سلطان العلماء كلمة الحق عند السلطان الجائر الصالح إسماعيل ، فما كان من الصالح إسماعيل إلا أن عزله عن منصبه في القضاء ، ومنعه من الخطابة ، ثم أمر باعتقاله وحبسه .

    ومن مواقفه الشهيرة أيضًا والتي اصطدم فيها مع الصالح أيوب نفسه ، أنه لما عاش في مصر اكتشف أن الولايات العامة والإمارة والمناصب الكبرى كلها للمماليك الذين اشتراهم نجم الدين أيوب قبل ذلك ؛ ولذلك فهم في حكم الرقيق والعبيد ، ولا يجوز لهم الولاية على الأحرار؛ فأصدر مباشرة فتواه بعدم جواز ولايتهم لأنهم من العبيد . واشتعلت مصر بغضب الأمراء الذين يتحكمون في كل المناصب الرفيعة، حتى كان نائب السلطان مباشرة من المماليك ، وجاءوا إلى الشيخ العز بن عبد السلام ، وحاولوا إقناعه بالتخلي عن هذه الفتوى ، ثم حاولوا تهديده ، ولكنه رفض كل هذا - مع أنه قد جاء مصر بعد اضطهادٍ شديد في دمشق - وأصرَّ على كلمة الحق .

    فرُفع الأمر إلى الصالح أيوب ، فاستغرب من كلام الشيخ ورفضه . فهنا وجد الشيخ العز بن عبد السلام أن كلامه لا يُسمع، فخلع نفسه من منصبه في القضاء ، فهو لا يرضى أن يكون صورة مفتي ، وهو يعلم أن الله عز وجل سائله . وركب الشيخ العز بن عبد السلام حماره ليرحل من مصر، وخرج خلف الشيخ العالم الآلافُ من علماء مصر ومن صالحيها وتجارها ورجالها ، بل خرج النساء والصبيان خلف الشيخ تأييدًا له ، وإنكارًا على مخالفيه . ووصلت الأخبار إلى الملك الصالح نجم الدين أيوب ، فأسرع بنفسه خلف الشيخ العز بن عبد السلام واسترضاه ، فقال له العزُّ : إن أردت أن يتولى هؤلاء الأمراء مناصبهم فلا بد أن يباعوا أولاً ، ثم يعتقهم الذي يشتريهم ، ولما كان ثمن هؤلاء الأمراء قد دفع قبل ذلك من بيت مال المسلمين ، فلا بد أن يرد الثمن إلى بيت مال المسلمين . و وافق الملك الصالح أيوب ، ومن يومها والشيخ العز بن عبد السلام يُعرف بـ (بائع الأمراء) .

    وقد وُصف الشيخ (رحمه الله) أيضًا بالزهد والورع الشديدين ، كما وُصف بالبذل والسخاء والكرم والعطاء ، والعطف على المحتاجين ، مما يجعل من شخصيته (رحمه الله) نموذجًا رائعًا يُقتدى به في كل ميادين الحياة المختلفة .

    شيوخ العز بن عبد السلام :

    حضر أبا الحسين أحمد بن الموازيني ، و الخشوعي ، وسمع عبد اللطيف بن إسماعيل الصوفي ، والقاسم بن عساكر، و ابن طبرزد ، و حنبل المكبر، و ابن الحرستاني ، وغيرهم . وخرَّج له الدمياطي أربعين حديثًا عوالي . و تفقه على الإمام فخر الدين ابن عساكر .

    تلاميذ العز بن عبد السلام :

    روى عنه الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد ، والدمياطي ، وأبو الحسين اليونيني ، وغيرهم .

    مؤلفات العز بن عبد السلام :

    للعز بن عبد السلام (رحمه الله) مؤلفات كثيرة ، منها ما هو مطبوع ومنها ما هو مخطوط، فله كتاب الإلمام في أدلة الأحكام ، وترغيب أهل الإسلام في سكنى الشام ، وله كتاب في التفسير، وكتاب شجرة المعارف ، وله كتاب في العقيدة سمّاه عقائد الشيخ عز الدين ، وشرحه الإمام ولي الدين محمد بن أحمد الديباجي ، وله كتاب الفتاوى الموصلية ، وله كتاب القواعد الكبرى في فروع الشافعية ، قال عنه صاحب كشف الظنون : " وليس لأحدٍ مثله " . و كتاب كشف الأسرار عن حكم الطيور والأزهار، وله كتاب الغاية في اختصار النهاية .

    وقد شملت مؤلفات الشيخ التفسير وعلوم القرآن ، والحديث والسيرة النبوية ، وعلم التوحيد ، والفقه وأصوله ، والفتوى .

    منهج العز بن عبد السلام في البحث :

    يدعو إلى إعمال العقل في استنباط الأحكام ، وفي التعرف على المصالح . ويرى أن الأحكام إن لم يمكن استنباطها من الكتاب أو السنة أو الإجماع أو القياس ، فيجب استنباطها بما يحقق مصلحة ويدرأ مفسدة ، والعقل هو أداة هذا الاستنباط .

    ثناء العلماء على العز بن عبد السلام :

    قال عنه الذهبي : " بلغ رتبة الاجتهاد ، وانتهت إليه رئاسة المذهب ، مع الزهد والورع ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصلابة في الدين ، وقصده الطلبة من الآفاق ، وتخرّج به أئمة " .

    وقال عنه ابن دقيق العيد : " كان ابن عبد السلام أحد سلاطين العلماء " . وقال عنه ابن الحاجب : " ابن عبد السلام أفقه من الغزالي". وقال عنه ابن السبكي : " شيخ الإسلام والمسلمين ، وأحد الأئمة الأعلام ، سلطان العلماء ، إمام عصره بلا مدافعة ، القائم بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في زمانه ، المطلع على حقائق الشريعة و غوامضها ، العارف بمقاصدها " .

    وفاة العز بن عبد السلام :

    تُوفِّي العز بن عبد السلام (رحمه الله) سنةَ 660هـ/ 1261م ، عن ثلاثٍ وثمانين سنة .

    المصادر :

    - العز بن عبد السلام ، د. محمد الزحيلي .

    - كشف الظنون، حاجي خليفة .

    - قصة التتار من البداية إلى عين جالوت ، د. راغب السرجاني .

    - أئمة الفقه التسعة ، عبد الرحمن الشرقاوي .



     

      الوقت/التاريخ الآن هو الخميس مارس 28, 2024 5:02 am